×
محافظة المنطقة الشرقية

ملياردير نيجيري يدفن والدته في سيارة ”همر” جديدة

صورة الخبر

هناك أمر يجدر التنبّه له جيّداً يتّصل بمسألة الرصد المعلوماتي للأفراد والمؤسسات والجماعات المتنوّعة: كل استخدام لوسيلة رقميّة يترك «أثراً» ما، خصوصاً على الشبكات. عند الدخول إلى الإنترنت، تجري عملية تسجيل تلقائيّة مؤتمتة لما يسمّى تقنيّاً الـ «آي بي» IP، وهو مصطلح مختصر لـ»بروتوكول الإنترنت» الذي يتكوّن من مجموعة محدّدة من الأرقام توضح طريقة إرسال المعلومات التي تعامل معها الداخل إلى الإنترنت. وتوضع أرقام الـ»آي بي» بوضوح عند الموزّع المركزي للإنترنت، وكذلك الحال بالنسبة إلى مراكز محرّكات البحث التي «تشفط» المعلومات وتضعها على حواسيبها العملاقة، ثم تجدولها وفق طرق التصنيف المتّبعة لديها. ومن المستطاع اعتبار الـ»آي بي» بداية لتكوين الهويّة الرقميّة لمستخدمي الشبكات الإلكترونيّة. وإذ تستند الهويّة الفعليّة إلى بنيّة إداريّة متنوّعة، تعتمد نظيرتها الرقميّة على ممارسات وتعابير وهوايات وألعاب وأفكار وآراء والتفاعل مع الآخرين وغيرها. وفي عالم التقنيّات، تتعرّف بنى المعلوماتيّة إلى المستخدم على أساس يتضمّن عمليتين هما التعريف بهوية المستخدم، والتصديق على التعريف. وعلى الشبكات، يصعب النفاذ إلى أي مساحة رقميّة من دون المصادقة على التعريف. وتترافق العمليّتان مع آليات تتعرّف إلى سلوك البحث المميّز لكل فرد، فكأنها تستجيب لمقولة من نوع «قل لي عمّ تبحث، أقل لك من أنت». ويظهر السلوك البحثي المميز للفرد عبر المُدوّنات ومجموعات للنقاش والنصوص التي يراكمها، والعمليات التجاريّة والماليّة التي ينخرط فيها، والشبكات الاجتماعيّة التي يتفاعل عبرها مع الآخرين، والألعاب الإلكترونيّة التي يمارسها، والمؤسّسات التي يهتم بالتواصل معها وغيرها. ومن جهة ثانية، هناك من يرى أن معرفة الفرد هي التي تحدّده، كما أنها تتوافق مع مدى استخدامه التقنيّات الرقميّة، ربما استمراراً في تفكير مفاده أن من لا يكون متّصلاً بالإنترنت، ربما لا يكون موجوداً بالمرّة. وبقول آخر، يرتسم نوع من الصورة المميّزة لكل فرد عبر الطريقة التي يتعامل بها مع البرامج والشبكات كـ»فايسبوك» و»فايبر» و»واتس آب» و»لنكيد إن»، إضافة إلى المُدوّنات الإلكترونيّة والمواقع الشخصيّة وغيرها. واستطراداً، من المستطاع مطالعة ما يستخدمه الفرد من أدوات وبرامج رقميّة، للحصول على صورة عن ذاته، إذ تتمثّل الهويّة الرقميّة بخصائص التعبير (نصوص وأقوال)، ومعرفة ورموز، ونشر وإعلان، وميول وهوايات، وعمليات استهلاك، ومعطيات السكن والإقامة وغيرها. ولذا، تندفع المؤسّسات الخدميّة إلى التفتيش عن المعلومات عن الأشخاص مباشرةً، على اعتبار أن الحياة اليوميّة باتت تتضمّن بالضرورة عمليات تفتيش عن المعلومات، سواء في مساحات عامة (مواقع، مكتبات رقميّة، قواعد بيانات...)، أم عبر الشبكات الاجتماعيّة المتنوّعة. وإذا كانت محركات البحث على أنواعها، تعمل على تحويل الأشياء كافة إلى صيغ رقميّة، وهو ما يسمّى الرقمنة، كي تعمل على تصنيفها، تبدو الشبكات الاجتماعيّة كأنها تعمل على «رقمنة» الأشخاص، وهو ما يحاول مارك زوكربيرغ (مؤسس «فايسبوك») أن يفعله. فلربما صار الإنسان وثيقة رقميّة، ككل شيء آخر في القرن الـ 21!