المراجعة والتطوير سمة العصر ونحن في العالم العربي لم نفتأ من سلوك هذا النهج لمتابعة المتغيرات المستجدة في جميع مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والتربوية وهذا بالطبيعة يشمل مناهج التعليم وهو مسلك حضاري اتبعناه إيمانا منا بترسيخ قواعد بناء الفرد لتأسيس نهضة المجتمع ليخدم الأمه الإسلامية فاستنفرت اللجان من الخبراء في كل القطاعات كل فيما يخصه للفحص والتمحيص بما يتلاءم مع مسلماتنا الدينية ومع ما يتوافق مع بيئتنا وتقاليدنا وعاداتنا دون استنساخ أو استلاب إرادتنا في القرار وهذا ما يضطرنا إلى التأني والروية دون انفعال أو ضغوط أو تقليد أو استيراد لأفكار الآخرين حيث ان لكل بيئة متطلباتها وليس بالضرورة أن ما نجح في الغرب يكون ملائما للشرق. والتعليم بشكل محدد ليس سلعة استهلاكية تتحمل الثغرات بل هي لبنة تراكمية في طود شامخ تتسامى مع الزمن لتشكل كيان أمة ولا تصح بها تجربة الخطأ والصواب حيث بها يكون المجتمع خطواته التي يؤسس عليها منهجه. وهذه من البديهيات التي استوعبها الغرب ولكنه يتعامى عندما يحاول فرض أيدلوجياته على الآخرين وبغض الطرف عن الثغرات المكشوفة وازعم انه يحرص على وجود منافذ تسمح له بالولوج في تشكيل الأطر العامة للمجتمعات لتصبح وسيلته سهلة لفرض الهيمنة وبسط النفوذ من خلال تصديره النظم والقوانين التي تتوافق مع غاياته لنعطيه الأولوية والأفضلية لنشر مبادئه وتشريعاته وهذا ما استوعبوه فيما بينهم بما عرف بالغزو الثقافي وكثيرا ما حذرت فرنسا من غزو الثقافة الأمريكية للشعوب الأوروبية لاختلاف التوجه والتنظير. من هنا أجد من الغرابة ارتفاع أصوات الدوائر الغربية وهي تطلب تغيير المناهج في الدول العربية والإسلامية وهذا فيه من الازدواجية وسياسة الكيل بمكيالين لادعائهم امتلاك الحقيقة المطلقة والكاملة متناسين الترهات التي تحتويها مناهجهم الدراسية. وعلى ضوء البحث الذي أجرته الباحثة (مارلين نصر) فان الكتب الدراسية الفرنسية تصف المسلمين بأنهم غزاة وقراصنة عند الحديث عن الفتوحات الإسلامية دون الإشارة لقيمه وتعاليمه. وفي أسبانيا ما زالت المناهج الدراسية تتناول الإسلام على انه الدين الذي ابتدعه محمد ويسمح بتعدد الزوجات ويأمر بقتل غير المسلمين ويحرم الخمر والخنزير ويذكرون أسبابا أتعفف عن ذكرها هنا في تعليمهم الأساسي أما المرحلة الثانوية فالمناهج تصور أن الإسلام دين العنف والحرب والتسلط وهو دين متأخر ومع ذلك يسعى إلى احتلال أراضي الغير انه خطر على المسيحية وعلى قيمها الروحية. أما المناهج في إيطاليا فتقول الدكتورة/ كونشيتا كور المتخصصة في المناهج عن الشخصية العربية إنها متخلفة حضاريا وبعيدة كل البعد عن أنماط التفكير الحديثة. والمناهج الإيطالية ما زالت تنظر إلى العرب في مادتي التاريخ والجغرافيا على أنهم من البدو يعيشون في الصحراء وان حياتهم بدائية. أما عن المقررات في ألمانيا فهي تعرض الإسلام على انه كلف كل مسلم بمقاتلة أعداء الإسلام الذين لا ينصاعون للقرآن تبعا لمبدأ الجهاد حتى تتحقق للعرب والمسلمين وحدتهم في دولة واحدة كما تضم أن من أهداف الحج عند المسلمين تقبيل الحجر الأسود ليحمل لقب حاج.. فان كانت لديهم نية في الإصلاح كما يزعمون رغبة في تآلف المجتمعات المتحضرة دون تجريح أو تصغير أو احتقار للآخرين مهما اختلفت مشاربهم ودياناتهم فعليهم أن يبدأوا بأنفسهم بتنقيح مناهجهم ورفع المغالطات من مقرراتهم ليصبح طلبهم مقنعا عندما يطالبون بتعديل مناهج الآخرين وإلا أعمتهم سيطرتهم عن النظر للحقيقة والواقع الذي يلغي مبرراتهم غير المقنعة وليفهموا اننا واعون لكل دسائسهم.