أخبار أسعار النفط عبر بعض وسائل الإعلام العالمية تشير إلى أنه قد ينخفض حتى سعر 60 دولارا للبرميل بحلول يناير القادم، والسؤال الآن لماذا تستمر ميزانية الدولة مرتبطة بمداخيل النفط ؟ وما هي البدائل الإستراتيجية؟ بداية يجب أن نشير إلى أن فلسفة استثمار القطاع الخاص تعتمد بشكل رئيس على الإنفاق الحكومي من خلال المشاريع التي تطرح سنوياً عبر الميزانية العامة، ومثل هذا التوجه بحاجة إلى تغيير، فنمو القطاع الخاص سيكون رهنا بإيرادات النفط فقط، والبديل الأفضل في ظل هذه السيناريوهات هو تطوير صناعة التجارة الإليكترونية في المملكة حيث إن هذا النمط من التجارة بات توجها عالميا ويحقق مداخيل عالية ويحظى باهتمام بالغ، وعلى سبيل المثال في الولايات المتحدة حققت المداخيل المالية من التجارة عبر الإنترنت في العام 2010م 167 مليار دولار، ومن المتوقع أن تحقق بحلول العام 2018م مداخيل مالية تقدر بقيمة 491 مليار دولار بزيادة أكثر من 250%، وعلى مستوى أرباح شركات التجارة عبر الإنترنت في الوقت الحاضر بالولايات المتحدة، تحقق شركة أمازون وشركة إيباي المتخصصتان في التجارة عبر الإنترنت مجتمعتين أرباحا مقاربة لأرباح وول مارات، بينما على مستوى التجارة الإلكترونية الصينية يحقق موقع علي بابا من خلال بيع قرابة مليار منتج أرباحاً يومية خلال العام الجاري من مبيعاته في الصين بمفردها بمعدل 9 مليارات دولار ما يعادل 3 ترليونان دولار سنوياً تقريباً. بالنسبة لنا فلدينا الكثير من العوامل الإيجابية المؤثرة في نمو التجارة الإلكترونية، فخدمات الإنترنت لدينا تعد جيدة، وكذلك القوة الشرائية ومعدل استخدام الإنترنت يعدان مرتفعين، ولكن تظل طبيعة استثمارات التجارة الإلكترونية على المستوى الوطني تأخذ طابعا محدودا وليس احترافيا إستراتيجيا طويل الأمد. إذن فالمهم الآن بالنسبة لنا تطوير واقع التجارة الإلكترونية وتسهيل تدشين شركات عملاقة قادرة على المنافسة شرق أوسطياً على أقل تقدير وإعادة هيكلة وزارة التجارة والصناعة لتكون وزارة للصناعة وتقنية المعلومات لتنظيم القطاع والترخيص لشركات التجارة عبر الإنترنت وفتح قنوات لاستثمارات الشباب بشكل احترافي في القطاع لخلق فرص عمل وتنويع قاعدة الإنتاج الوطني، وفي نفس الوقت تطوير التعاملات المالية الإلكترونية عبر الإنترنت لتكون متاحة من خلال الخدمات المتقدمة التي طرحت مؤخراً كخدمات المدفوعات التي طرحتها شركة أبل وغيرها ما سيطرح مستقبلاً، فضلا عن توفير قنوات لتمويل مثل هذه المشاريع من خلال صندوق وطني للتجارة الإلكترونية لتحفيز الاستثمارات في مثل هذا القطاع الواعد.