لندن: «الشرق الأوسط» تبدو علامات الانتعاش في الاقتصاد البريطاني في بداياتها، ومعها أيضا بداية ظاهرة كانت قد اختفت منذ أيام الطفرة العقارية في ذروة عام 2007. وهي إجراء عمليات الشراء من على الخريطة. وهناك الكثير من شركات تطوير العقار التي تطرح هذه «الفرص» الآن للمستثمرين من موقع قوي بسبب نقص إمدادات العقار في السوق وارتفاع الطلب. ولا تقدم هذه الشركات أي حسومات أو تخفيضات على العقارات التي تعرضها في السوق، ولا تعتبر أن المشتري يتعرض إلى أي مخاطرة على أساس أن سوق لندن تتوجه إلى ارتفاع دائم لم يتوقف حتى أثناء فترات الكساد. وتقدر أوساط السوق أن عقارين من كل خمسة عقارات جديدة في لندن تباع من على الخريطة. ويلقى الأسلوب إقبالا ملحوظا من الجيل الجديد من المستثمرين الذين يرون فيه الكثير من المزايا، وإن كان ليس من بينها السعر المنخفض. فالمستثمر يحصل على الموقع الذي يريده ويختار العقار المناسب له من حيث المساحة والمشاهد الخارجية وتصميم المساحات الداخلية. كما تقدم بعض الشركات إمكانية توفير مزايا خاصة من حيث لون الديكورات الداخلية ونوعها وتركيبات الأرضية وحتى تغييرات في التصميم العام للعقار. وفي انعدام فرص خفض السعر يأمل المشترون أنه في خلال فترة البناء سوف تتطور الأسعار بحيث تكون قيمة العقار أعلى من الثمن الأصلي. وكانت ظاهرة الشراء من أجل البيع السريع والاستفادة من فارق الثمن منتشرة في الثمانينات، ولكن مع وصول مرحلة الكساد خسر مستثمرون أموالهم مع تراجع الأسعار وعدم قدرتهم على البيع أو سداد أقساط القروض العقارية. وقد تبدو العملية مضمونة في سوق منتعشة ولكن الشراء من على الخريطة له أيضا مخاطره. فعمليات البيع تجري في أجنحة تسويق فاخرة ويرى المستثمر صورا ومشاهد ثلاثية الأبعاد لما سوف يكون عليه العقار بعد انتهاء المشروع. ولكن صور الكومبيوتر لا يمكن أن تعطي الصورة الكاملة لما سوف يكون عليه العقار من حيث الضوء الطبيعي والمشاهد حول العقار ونسبة الضوضاء. من ناحية أخرى تجتذب العقارات الجديدة نسبة أعلى من السعر عن غيرها من العقارات المشابهة تصل في المتوسط إلى نسبة 30%. ولكنها مع ذلك توفر أحدث التجهيزات من حيث توصيلات الإنترنت الداخلية وكفاءة استخدام الطاقة وعزل الصوت ولذلك يفضلها الكثير من المستثمرين لأنها أرخص في الصيانة. ومع ذلك تعترف شركات عقارية بأن بعض المستثمرين يتجنبون شراء عقارات من على الخريطة خوفا من اختلاف المواصفات التي اتفقوا عليها مع الواقع بعد استكمال عملية البناء. وتنصح شركات العقار المستثمر بفحص التعاقدات جيدا وقراءة التفاصيل الصغيرة التي يمكن أن تمثل ثغرات في المستقبل، وهي مهمة يجب أو توكل لمحام ماهر. من المسائل التي يجب التأكد منها أن التعاقدات يمكن أن تشير إلى «صالة رياضية» أو «جيمنازيوم» ولكن من دون الالتزام ببناء هذه الصالة في العقار الجديد. وهذه الميزة التي قد تكون مذكورة بلا التزام في التعاقد تغفل تماما أحيانا عند استكمال البناء. وتخضع كافة العقارات الجديدة في بريطانيا لتأمين على جودة ونوعية البناء لمدة عشر سنوات على الأقل. ويحمي هذا التأمين المستثمر من أخطاء التنفيذ أو سوء التصميم. وفي لندن من الممكن شراء عقارات للتسليم بعد أربعة أشهر أو بعد أربع سنوات، أو أي مدة بينهما. ويلجأ بعض المستثمرين البريطانيين إلى التنسيق من أجل بيع عقارات يملكونها في توقيت مماثل للعقارات الجديدة التي سوف يتسلمونها. ويمكن الحصول على وعود بقروض عقارية على عقارات جديدة، ولكن مدة سريان مفعولها لا يزيد عن ستة أشهر. وإذا كان موعد التسليم سوف يزيد عن هذا الحد، فالأفضل الانتظار قبل التقدم للحصول على قرض عقاري. ويمثل هذا الوضع أحد المخاطر الإضافية للشراء من على الخريطة، فكلما طالت المدة قبل تسليم العقارات كلما زادت فرص تغير أحوال السوق من حيث الأسعار أو شروط الإقراض أو أسعار الفائدة. وبينما يكون السعر الملزم للمستثمر ثابتا، فإن تكلفة الإقراض متغيرة كما أن الأسعار في السوق تتغير أيضا. والشراء في مشروعات كبيرة له أيضا بعض المساوئ الإضافية وهي أن أوائل المشترين الذين قد يدفعون أسعارا أقل من غيرهم وينتقلون للمعيشة في عقاراتهم قبل انتهاء المشروع تماما، يجدون أنهم يعيشون في موقع بناء صاخب إلى أن ينتهي المشروع. ولذلك يفضل بعض المشترين الاستثمار في المشروعات الصغيرة التي يتم فيها التسليم في الوقت نفسه لجميع المستثمرين.