التقدير والمحبة والفرحة العربية بالعموم، والخليجية بالخصوص، والسعودية بشكل أكثر خصوصية باليوم الوطني المجيد لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة كانت كبيرة للغاية، والحقيقة أنها كانت مستحقة، والسبب من لسان سمو الشيخ عبدالله بن زايد يعود إلى أمرين؛ الأول: حب أهل الإمارات الواضح للجميع، والثاني: ما قام به المواطن والمقيم في الإمارات ـ وكما قال سموه برحمة من رب العالمين ـ من تحقيقه من إنجازات في أقل من 43 عاما.. الأسباب الموجبة للفرحة الكبيرة التي عاشتها الإمارات الأسبوع الماضي، وعاشها جيرانها معها كثيرة، ويمكن لكل كاتب أن يتناولها من منظوره الخاص به، وشخصيا أرجعها بالدرجة الأولى إلى الطريقة الإماراتية المتميزة في التدين.. عن قرب؛ يلمس المراقب للشأن الديني الإماراتي التنوع والتعدد بكل وضوح، وكيف أن الحريات الدينية مكفولة للجميع.. قيم التسامح الديني في الإمارات، وسعة الصدر، وحسن استيعاب الديانات الأخرى واضحة للعيان ـ نسبة المسلمين من مجموع سكان الإمارات تبلغ 76%، ويشكل المسيحيون 9%، والديانات الأخرى تشكل 15% ـ .. الدستور الإماراتي ينص على حرية الأديان، وفقا للعادات المتبعة، وتحترم الحكومة بشكل عام هذا الحق في الممارسة، وتتبع الحكومة سياسة التسامح تجاه الأديان غير المسلمة، وتتدخل بشكل ضئيل جدا في النشاطات الدينية لغير المسلمين، وفي هذا السبيل لا تمانع الحكومة من إصدار تراخيص لاستعمال الأرض من أجل بناء وتشغيل الكنائس، بل ويمكن طلب منحة عقارية لذلك. السمة البارزة للخطاب الديني الإماراتي أنه خطاب يتسم بالاعتدال، ويدعو عبر المنابر المتاحة إلى التسامح والوسطية، وإلى جمع أطياف المجتمع على كلمة سواء.. من الأمثلة ـ وهي كثيرة ـ أذكر مثالا واحد فقط، ـ لأنه في نظري مظلوم إعلاميا ـ وهو مركز مكافحة التطرف العنيف، والمشهور بمركز (هداية)، الذي تم تأسيسه ليكون المؤسسة الدولية الأولى للتدريب والحوار والتعاون والبحوث في مجال مكافحة التطرف العنيف بكافة مظاهره وأشكاله، ولدعم الجهود الدولية الساعية لمنع الإرهاب ومكافحته.. من أبرز أهداف المركز أن يسهم في الحد من أعداد الداعمين للمجموعات الإرهابية عبر اتباع سبل غير قسرية، وأن يشكل موردا داعما للحكومات ومنظمات المجتمع المدني، وأن يؤسس شبكة عالمية من الخبراء والعاملين في مجال مكافحة التطرف العنيف.. قصة افتتاح (هداية) في أبوظبي بدأت بالمناسبة في مثل هذا الشهر، قبل عامين ـ 15/12/2012 ـ ، وكانت البداية أثناء الاجتماع الوزاري لانطلاق أعمال المنتدى العالمي لمكافحة التطرف في نيويورك قبل أقل من سنة على الافتتاح، حيث عرضت الإمارات الاستضافة، ودعمت كل ما يستوجب التأسيس؛ استجابة للرغبة المتنامية لدى المجتمع الدولي، وأعضاء المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب في وجود مؤسسة مستقلة ومُكرسة للحوار والتدريب والتعاون والبحوث في مجال مكافحة التطرف العنيف.. المركز اليوم جزء من منظومة إماراتية عامة تؤمن بأن حل المجتمعات الراغبة في العيش بالطريقة الإماراتية يكمن في منع الأفراد من اعتناق مذهب العنف، ودعم كل جهد يمنع الدخول في دروب الانحراف، أو التورط مستقبلا فيه. خاتمة: رحم الله مؤسس التسامح الإماراتي؛ الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان القائل: "دولة الإمارات صديقة، وتسعى إلى صداقة العالم كله، والبشر كلهم، وهي على حجمها المحدود؛ إلا أنها تسعى دائما من أجل تحقيق السلام العالمي للبشرية كلها"..