اتفق المشاركون في جلسة (توثيق وتصنيف وإحياء مواقع التراث العمراني)، بملتقي التراث العمراني بعسير، على أن التوثيق من أهم سبل المحافظة على التاريخ بشكل عام. وتناولت الجلسة، التي أدارها الدكتور هشام مرتضى من جامعة الملك عبدالعزيز، بمشاركة أكاديميين مختصين من عدة جامعات سعودية وعربية، عددا من الدراسات والبحوث في مختلف المواقع التراثية بالمملكة العربية السعودية، والتجارب العربية في هذا المجال. وقدم الدكتور علي العصيمي رسالته البحثية حول (تأهيل وتطوير الطرق والدروب التراثية القديمة بالطائف – طريق القوافل القديم بالهدا)، والذي يسعى من خلال رسالته إلى تفعيل الدور العلمي لجامعة الطائف في تأهيل وتطوير التراث العمراني بالطائف، وتوضيح أهم الطرق العلمية المناسبة لترميم وتأهيل الجزء المتبقي من الطريق، ولتأسيس أنموذج علمي لترميم وتأهيل وإعادة توظيف الطرق والدروب الأثرية. كما قدم ممثل الجمعية الجغرافية الخليجية الدكتور إبراهيم الأسري دراسة إحصائية توثيقية حول (مواقع التراث العمراني في المملكة العربية السعودية)، وذكر أن ما اكتشف فقط من المواقع الأثرية يقدر بأكثر من (6) آلاف موقع، تمثل منطقة المدينة المنورة نسبة (21%) وهي الأعلى بين المناطق الأخرى، ويعود ذلك نسبة إلى طريق الحجاج المستخدم في العصور الماضية. وعن أهمية توثيق معالم التراث المعماري في جزر فرسان وآلية الحفاظ عليها، طالب الدكتور محمد نورالدين من قسم العمارة بكلية تصميمات البيئة بجامعة الملك عبدالعزيز من خلال بحثه بتطبيق سياسة الحفاظ على الكتلة العمرانية والتراث الحضاري بالمنطقة، والاعتماد على سياسة توظيف المواقع والمباني التراثية، ووضع برامج صيانة لتلك المباني، وإقامة الفنادق والمنتجعات بهذه المباني أو بجوارها للحفاظ عليها وإبرازها للزوار. أما في مجال توثيق الأميال الحجرية على طريق القوافل من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة باستخدام أنظمة الرصد الحديثة، يوضح الدكتور عبدالله القاضي من خلال بحثه أن فكرة النظام المتري حديث جدًا لا يتجاوز القرنين، وهذا دليل على أن الميل يمثل وحدة القياس المستخدمة في العصور الأولى بالعودة للقرآن والسنة، حيث وجد عدد من العلامات الصخرية (الأميال) على طريق القوافل (درب الأنبياء)، بمسافات معينة فيما بينها، وهذا دليل على اعتمادهم في ذلك الزمن على تلك العلامات لحساب مسافة الطريق.