قبل أسبوع من انعقاد قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مدينة الدوحة عاصمة قطر في التاسع والعاشر من شهر ديسمبر، اكتملت عودة سفراء الدول الخليجية الثلاث المملكة والبحرين والإمارات العربية، وأصبحت الأجواء مُهيأة لتنقية الأجواء الخليجية والعربية معاً، هذه الأجواء التي فتح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الأجواء لها بإدارته للقاء الرياض الاستثنائي الذي أزال غمة الخلافات الخليجية، ثم توجيهه - حفظه الله - خطاب المصالحة العربية والذي لم يقتصر على تنقية الأجواء الخليجية، بل تعداها إلى الأجواء العربية كافة من خلال الحثّ على وقف الحملات الإعلامية ومطالبة الإعلاميين والصحفيين بالكفّ عن إثارة النعرات ووقف الشتائم والسعي إلى جمع الشمل والبُعد عن الخوض في المواضيع الخلافية. حكيم العرب الملك عبدالله بن عبدالعزيز يُواصل بذل الجهود سواء من خلال قنوات الاتصال الثنائية المستمرة أو في اتصالاته الثنائية بقادة الدول العربية على تكريس وترسيخ سياسة تنقية الأجواء ومعالجة أي خروج على هذا النهج الذي يجب أن يتمسك به الجميع، مع حثّ الدول العربية جميعاً وأولها دول الخليج العربية على أن لا يدعوا مجالاً للدول الأجنبية الأخرى للتدخل في الشئون الداخلية والعلاقات فيما بينهم، بحيث يكون حصر الخلافات في وجهات النظر داخل البيت العربي الواحد، وأن تكون المعالجة هادئة بما لا يدع مجالاً للغرباء للتدخل، وأن يعمل رجال الإعلام والفكر وكتّاب الرأي على تقريب وجهات النظر، بدلاً من التباعد بينها وإشعال نيران الخلافات. هذا المناخ الإيجابي الذي يسيطر على الأجواء الخليجية بصفة خاصة، ويلقي بظلاله على الأجواء العربية عامة سيكون هو الطابع المسيطر على قمة الدوحة الخليجية التي ينتظر منها العرب الكثير، وليس أهل الخليج العربي وحدهم، إذ كانت الخلافات الخليجية السابقة قد ألقت بظلالها على العلاقات العربية، وامتدت الخلافات الخليجية إلى الاجتماعات العربية مما أدى إلى عرقلة الكثير من مجالات العمل العربي المشترك. الآن، وبعد أن عاد الدفء إلى العلاقات الخليجية، فالمتوقع أن تتحرك آليات العمل العربي المشترك بفضل ديناميكية وفعالية الدبلوماسية الخليجية التي كانت وعلى مدار أكثر من عقدين من الزمن الرافعة السياسية التي تحرِّك مفاصل العمل العربي المشترك. أيضاً، ينتظر أهل الخليج أن تسهم قمة الدوحة الخليجية في تفعيل مجالات التعاون بين دول المجلس الست، وإنجاز الطموح والأمل الخليجي في إنجاز الاتحاد، حتى تنصهر دول مجلس التعاون في كيان دولي واحد يُواجه التكتلات الدولية والإقليمية التي أصبحت طابع العصر.