لماذا لم تتغير معدلات البطالة؟ بقلم الكاتب / د.ا. رشود الخريف تشير إحصاءات مسح القوى العاملة الأخير لعام 1435هـ (الدورة الأولى) إلى أن القوى العاملة الوافدة تمثل أكثر من نصف القوى العاملة في المملكة، وبالتحديد تمثل القوى العاملة الوافدة 52 في المائة من إجمالي القوى العاملة في المملكة البالغ عددها أكثر من 11 مليونا ونصفا (11600424). وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة العمل ووزارة الخدمة المدنية والجهات الأخرى، فإن معدلات البطالة لم تتغير خلال السنوات الخمس الماضية. بناء على إحصاءات مسح القوى العاملة، فإن معدل البطالة لإجمالي القوى العاملة السعودية يصل إلى نحو 12 في المائة في عام 1435هـ (2014م)، وينخفض للذكور إلى نحو 6 في المائة، ولكن المعدل يقفز إلى مستويات مقلقة بالنسبة للإناث، حيث يصل إلى 33.3 في المائة من القوى العاملة النسائية، أي أن ثلث القوى العاملة النسائية متعطل عن العمل. من المؤسف أن تصل معدلات البطالة للنساء إلى هذا المعدل، على الرغم من أن معدلات مشاركتها الاقتصادية لا تزال منخفضة، لا تتجاوز 18 في المائة من إجمالي النساء في سن العمل، ومن المؤسف كذلك ألا يتغير وضع توظيف المرأة على الرغم من جهود وزارة العمل وبرامجها مثل نطاقات، وحافز، وتأنيث المحال النسائية، والكاشيرات في محال البيع، وعلى الرغم من تخصيص منتدى الحوار الثالث الذي نظمته وزارة العمل في بداية العام الهجري 1435هـ لموضوع توظيف المرأة. وهذا يثير التساؤل، ماذا لو ارتفع معدل المشاركة في قوة العمل، ليكون عند المستويات المماثلة في الدول الأخرى؟ من جهة أخرى، فإن من اللافت للنظر عند الاطلاع على نتائج مسح القوى العاملة الأخير أن نسبة السعوديين العاملين في البيع لا تتجاوز 6 في المائة من القوى العاملة السعودية (260 ألفا فقط)، في حين يعمل 14 في المائة من القوى العاملة الوافدة (أي ما يعادل 850 ألفا) في هذه المهنة. وتتفاوت النسب من منطقة إدارية لأخرى، مع ارتفاعها في جازان لمستويات تدعو للتوقف! فنسبة العاملين في البيع في جازان تصل إلى 32 في المائة من إجمالي العمالة الوافدة! فهل من المعقول أن تستقطب التجارة في هذه المنطقة الزراعية ثلث العمالة الوافدة؟ أم أن الأمر لا يخلو من لغز يحتاج إلى تفكيك؟! في الختام، لا بد من تقييم البرامج، التي تم إطلاقها لمعالجة البطالة تقييما موضوعيا من جهات محايدة لتحديد فاعلية كل برنامج دون مجاملات ومن ثم إصلاح الخلل إن وجد، وأهم من ذلك لا بد من الاعتراف بأن سوق العمل يفتقر إلى التنسيق بين جهات التعليم والتدريب والتأهل من جهة، وبين جهات التوظيف من جهة أخرى، بل يحتاج الأمر إلى تنسيق فيما بين جهات التعليم والتدريب والتأهيل نفسها. فأستطيع القول إن التنسيق بين الجهات ذات العلاقة، وهي وزارة العمل، ووزارة الخدمة المدنية، ووزارة التعليم العالي، ووزارة التربية والتعليم، والغرف التجارية والصناعية، ومنشآت القطاع الخاص الكبرى، ضعيف جدا ودون المستوى المأمول. وهذا يدعوني إلى اقتراح إعادة تفعيل مجلس القوى العاملة ليضم في عضويته ممثلين للجهات المذكورة أو تشكيل هيئة جديدة. وأخيرا أقول لا بد من الانفتاح، فسياسات الانغلاق وسرية البيانات التي تمارسها وزارة العمل والجهات الأخرى ينبغي أن تتوقفا، فمن الضروري أن تتاح البيانات للباحثين في الجامعات السعودية ليتمكنوا من إيجاد حلول ناجعة، بدلاً من الاستعانة بالأجانب (فقط) في حل قضايانا المحلية!