يقال إن أفضل تقييم لعمل الإنسان يكون عندما يترك وظيفته أو يتقاعد لأن التقييم يكون إلى حد ما موضوعياً بعيداً عن المجاملات والمصالح. أتابع عبدالرحمن الراشد منذ عشرات السنين ككاتب في الشرق الأوسط له أسلوب خاص في عرض مواضيعه وطريقة فريدة في طرح الأفكار، كان يسعدنا جداً أن نرى رجلاً قادماً من الصحراء يكتب باحترافية في الشأن الدولي بعد أن نشر عرب الشمال فكرة أن الفكر والإبداع مختص بهم فقط واننا عرب الصحراء مجرد متلقين. مرت السنين وأصبح عبدالرحمن مدرسة مختلفة عن الجميع فيجب أن تقرأ له سواء أحببته أو لم تحبه سواء كنت مع فكرته أو ضدها، فله طريقة غريبة في تقديم أفكاره والدفاع عنها فلا تملك إلا أن تعجب بطريقة العرض والمبررات حتى لو كنت ضد الفكرة. شخصياً تذكرني بطريقة المفكرين الغربيين الكبار عندما تقرأ لهم بلغتهم الأم، وربما عبدالرحمن تأثر بدراسته للإعلام عندما كان في أمريكا ومزجها بأسلوبه وخلفيته العربية فأصبح هذا المزيج النادر. أتى إلى قناة العربية وكانت قد سبقتها القنوات الإخبارية الأخرى بسنين وامتلكت جمهوراً وشعبية واتخذ قراراً غريباً في حينه وهو أن لا ينافس أحداً بل اختط للقناة طريقاً مختلفاً عن الإعلام العربي حيث كانت موجة الإثارة والصراخ سائدة في ذلك الوقت وراهن على الزمن وتطور وعي الجمهور. مع الوقت كسب الرهان وبقوة وبعد أن كانت القناة للنخبة أصبحت قناة الجميع وأصبحت لا تنافس إلا نفسها. وطبعاً تعرض لعبدالرحمن أثناء مسيرته لأبشع أنواع الهجوم وبقي ثابتاً-ويا جبل ما يهزك ريح-وهذه صفة أخرى جميلة لعبدالرحمن الصبر ولا يحب أن ينزلق إلى مستوى أدنى من الحوار بل يحب يرفع المخالف له لمستواه، وتوهم البعض أنه أمريكي الهوى ولكنه أثبت أنه أفضل وأكثر الناس الذين انتقدوا الإدارة الأمريكية بموضوعية وبسرد مهني لتخبطاتها بالشرق الأوسط. كل من عاشر الراشد سيقول لك ستجد إنساناً متواضعاً وسهل التعامل ومهنياً ودائما ما تحس انها مبالغات إلا أن تتعامل معه شخصياً وستتعرف على نوعية جديدة من المديرين مع موظفيهم ومع الناس عموماً. أما أنا شخصياً فانطباعي عن الراشد أنه من القلائل الذين قابلتهم يطبقون مقولة (الاختلاف بالرأي لا يفسد للود قضية) وكأن عبدالرحمن الراشد أبى أن لا يخرج من العربية إلا كما دخلها ويُحدث زلزالاً إعلامياً في الإعلام العربي ومقالته (كلنا إعلاميون) كانت زلزالاً يجب أن يؤرخ في الإعلام العربي لأنه غير القاعدة التي كانت مسلمة ولكن في داخلنا لم نكن مقتنعين بها، لقد اعترف عبدالرحمن الراشد وأحدث الصدمة ولكن هي الحقيقة فهناك النظرية والواقع بل تحتاج مقالته إلى مقالات ومجلدات لشرحها. أما الآن فالأمانة أصبحت على كتف د. عادل الطريفي وهو شخص متواضع وأخلاقه وتعامله راقٍ وأتعاطف معه جداً بسبب الخلفية الأكاديمية التي تجمعنا والحمل عليه ثقيل أتمنى من الله أن يوفقه. مما قيل هذا الأسبوع: ما زالت مؤسسة النقد لدينا غائبة فالقوة الشرائية ومعدل صرف الريال السعودي أمام العملات الأخرى ارتفع بشكل قياسي وما زالت البنوك تتعامل مع العملاء بأسعار صرف قديمة! فهي تأخذ عمولة على العمليات ونقول معليش، وتحاسب بسعر مقارب أيضاً ممكن نقول معليش لكن مثل المنشار عمولات وأسعار صرف قديمة هنا نريد تدخل ساما لكي تتعامل البنوك مع العملاء بالمعقول! تعلموا حقوق العملاء من وزارة التجارة يا ساما!!