تحولت المدارس الأهلية في السعودية إلى «ملاذ» لكثير من طلاب المرحلة الثانوية الخليجيين، الذين أجبرتهم «الدرجات» علی مغادرة بلدانهم والقدوم إلى المملكة، في محاولة لتعويض ما فاتهم من «علامات»، عبر الالتحاق في مدارس خاصة سعودية. وأثارت «رحلة العلم»، أو بالأحرى «رحلة الدرجات»، حفيظة الكثيرين، كون المدارس الخاصة في المملكة باتت تقدم خدمات خاصة «غير مشروعة»، ربما لشراء الدرجات أو تسهيل عملية التعليم بحفظ أقل قدر ممكن من المقررات. ما يعكس «عدم جدية التعليم في السعودية». وعلی رغم الموازنة الكبيرة التي تخصصها المملكة كل عام لدعم التعليم، إضافة إلى الموازنة التي خُصصت خلال الأعوام الخمسة المقبلة، والتي قدرت بنحو 80 بليون ريال، إلا أن الطلاب الخليجيين الباحثين عن الدرجات، يبررون هذه الرحلة بأن التعليم في المملكة «أسهل» من التعليم في بلدانهم، ما يمكنهم من الحصول علی درجات أعلی، تتيح لهم الدخول إلى الجامعات في بلدانهم. غير أن هذا السبب يصعب تقبله وفهمه في ظل تحمل الطالب أعباء الغربة والمعيشة من أجل «سواد عيون الدرجات». عبدالعزيز أحمد، أحد الطلاب الخليجيين الذين أتوا إلى المملكة لإكمال دراسة المرحلة الثانوية، قال لـ «الحياة»: «بعد انتهائي من الصف العاشر (الأول ثانوي) أتيت إلى السعودية، لإكمال العامين الأخيرين من المرحلة الثانوية «الثاني والثالث الثانوي»، والتحقت في مدرسة أهلية، وذلك لسهولة المقررات التعليمية في المملكة، إضافة إلى تسهيل المعلمين للطلبة استذكار المواد، وتخفيف ثقل المعلومات في الكتب الدراسية عنهم بملخصات صغيرة»، لافتاً إلى أن التعليم في المملكة «لا يتطلب مهارة عالية في اللغة الإنكليزية، بخلاف ما تتطلبه المدارس في بلدي». ولم يكن عبدالعزيز الأول من أسرته الذي يأتي إلى السعودية، لإكمال الدراسة الثانوية، إذ سبقه أخوه، ليحصل على نسبة «عالية جداً»، ما أهله لدخول برنامج الابتعاث، ودراسة المرحلة الجامعية في الخارج. كما تم قبول ابن عمه الذي درس أيضاً في المملكة، في أكبر جامعات بلدهم. إلا أن بعض أقربائه الذين لم يشاركوهم تجربة الدراسة في المملكة يحاولون في كل عام الدخول إلى الجامعة، بإعادة دراسة السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية، للحصول على مجموع يؤهلهم لذلك. وحول متاعب الغربة وبخاصة أنه صغير في السن، أوضح عبدالعزيز أن «لا فرق بين المملكة وبلدي، وغالبية الطلاب الذين يأتون للدراسة في المملكة يكون لهم أقارب يعيشون وسطهم». وتابع: «في سبيل الدرجات لا مانع من تحمل المتاعب لعامين». ولم تقتصر هذه «الرحلة» على الطلاب، بل امتدت لتشمل الطالبات الخليجيات أيضاً، وإن كن أقل عدداً. وقالت إحداهن لـ «الحياة»: «الحصول على مجموع عال في المرحلة الثانوية أصبح أمراً صعباً جداً. وأنا أطمح لدراسة تخصص يتطلب القبول فيه معدلاً عالياً، لذلك اضطررت للمجيء والدراسة في العاصمة السعودية الرياض، وأسكن مع إحدى قريباتي، فيما أدرس في إحدى أكبر المدارس الأهلية». وأضافت: «لم أكن أعتقد أن الدراسة في المملكة أسهل من الدراسة في بلدي، إلا بعد أن درست الثاني والثالث الثانوي فيها. وحصلت على معدل عال جداً. لم أكن سأحصل عليه هناك». العماري: الرقابة دون المستوى... والشريف يعتبرها «الأفضل» < قال المستشار التربوي محمد العماري في تصريح إلى «الحياة»: «ما زالت الرقابة على المدارس الأهلية دون المستوى، بدليل لجوء الطلبة الخليجيين لدراسة الصفين الثاني والثالث الثانوي في المملكة، للحصول على معدلات مرتفعة. وإن لم يكن ذلك يشكل ظاهرة». وأضاف العماري: «طالب المدرسة الأهلية لا يُمنح درجات، إنما يمنح تسهيلات لا يحصل عليها الطالب في المدارس الحكومية». وأشار إلى أن دراسة الطالب الخليجي للمرحلة الثانوية في المملكة بهدف الحصول على معدل عال «فيه بعض الإشكالات، منها أنه حين يقدم شهادته في بلده تكون هناك معادلة للدرجات، قد تضيع فيها بعض الدرجات، إضافة إلى اللغة الإنكليزية التي لا تركز عليها المملكة في التعليم العام، ما يؤثر على دراسة الطالب الخليجي في جامعة بلده، إذ تكون دراسته باللغة الإنكليزية». بدوره، أكد مستشار التطوير في وزارة التربية والتعليم محمد الشريف لـ «الحياة»، أن «انجذاب الطلبة الخليجيين للتعليم الأهلي في المملكة، ليس بدافع الدرجات، وإنما لأنها تستخدم تقنيات تعليم عالية الجودة، وأساليب تعليمية حديثة، إضافة إلى وجود الفصول العلاجية وفصول التقوية». وأشار الشريف إلى «متابعة الوزارة اختبارات المدارس الأهلية وتشديد الرقابة، إضافة إلى الزيارات المفاجئة والتي تحدّ من عملية مساعدة الطالب أو تغشيشه».