سبق- الرياض: بدأت موسكو وواشنطن البحث جدياً في خطة تقسيم سوريا إلى "كانتونات" أو مناطق إدارية متفرقة لكل منها سلطاته التنفيذية والتشريعية والقضائية المستقلة، ضمن محاولة لإدارة الصراع الذي اقترب من عامه الرابع في هذا البلد العربي. طرحت مفردات تلك الخطة في اجتماع عقد منذ عدة أيام في إيطاليا، ضمّ معارضين سوريين مع ممثلين من موسكو، وشارك فيه وفد أمريكي، وممثل عن إيران بدا عليه الغضب. وقالت مصادر من المعارضة السورية ممن حضر الاجتماع لـ"سبق": المجتمعون اتفقوا على استحالة إنهاء الصراع حالياً لصالح أي من الطرفين (الأسد أو المعارضة)، وهو ما يعني الإقرار باستمرار الحرب لعدة سنوات مقبلة، ويستلزم حسب الطرح الذي تم تقديمه في الاجتماع إقامة "مناطق آمنة" تكون خارج سيطرة الأسد، أو الفصائل المسلحة التي وصفت بالمتطرفة. وشملت النقاط المطروحة في الاجتماع -حسب المصادر التي فضّلت عدم الكشف عن هويتها- إعادة تأهيل "الجيش السوري الحر" باعتباره مجموعة مقاتلة بعيدة عن التطرف أو الانتماء الأيديولوجي وتسليحه وتنظيمه ليقوم بدور محدد هو حماية هذه "المناطق الآمنة" لتكون كيانات مستقلة عن القوى المتصارعة في الداخل السوري تضمن للاجئين السوريين الحماية سواء من قبل قوات "الأسد" أو القوى المعارضة المتطرفة. وأبدى الوفد الروسي مرونة كبيرة للتجاوب مع هذا المطلب، كما أيده الوفد الأمريكي، وأبدى ممثل طهران غضباً ورفضاً شديدين للفكرة، أما اللافت فكان غياب أي ممثل لنظام "الأسد"؛ حيث كان الوفدان الروسي والإيراني يتحدثان باسمه. وطرح الوفدان الأمريكي والروسي إمكانية استمرار وجود هذه المناطق الآمنة حتى "تشكل طبقة سياسية وعسكرية جديدة ومعطيات مختلفة عن الموجودة على الأرض الآن"، وهو ما يعني بحسب المصادر محاولة إدارة حرب أهلية منظمة في سوريا وعدم تركها تتحرك بعشوائية كما يحدث حالياً. وحول السرية في عقد الاجتماع ورفض المشاركين الإفصاح عن هوياتهم، قالت المصادر إنها ضرورية خوفاً من توجيه اتهامات للمعارضين السوريين المشاركين في الاجتماع بالسعي لتقسيم بلادهم، بينما الهدف الحقيقي يتلخص في حماية المدنيين السوريين من بطش النظام وقوى التطرف على حد سواء، خاصة وأن الاتفاق في حال إقراره يستبعد أي دور لـ"الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية"، وأيضاً يستبعد "المجلس الوطني السوري"، وهو ما سيغضب هذه الأطراف ويدفعها لمحاولة تخوين كل من شارك في الاتفاق والسعي لعرقلته، مشددة على أن كل ما يُطرح الآن هو في إطار الأفكار، ولم يبدأ تنفيذ أي شيء على الأرض بعدُ.