ينظر بعض أحبابنا إلى نفسه على أنه المخلّص الكبير والمنقذ العظيم لهذا المجتمع من متاعبه، وما يرى أنه أسباب تخلّفه، فلا تراه إلا ممتشقاً سلاحه يصنع المعارك ويصارع طواحين الهواء، وما إن يخرج من معركة حتى يدخل أخرى، فالجميع لا يحبون الوطن مثله ما داموا يخالفون رأيه، والكل ظلاميون يقفون في وجه التقدم والرقي ما داموا يبينون عوار أفكاره، والاسمان المستعاران اللذان يتفننان في تسفيه رأيه هما ممثلان للمجتمع الذي يحارب العظماء! والمصيبة أن السيد المخلّص لم يكتف بمقارعة طواحين الهواء، بل إن شعور الحرب وهتافات المشجعين تدفعه لأن يطرح استراتيجيات لا علاقة بينها وبين الإبداع إلا كمية الكوميديا التي تحملها، وفوق ذلك يتفنن في التقليل من شأن الناجحين وتسفيه كل رأي غير رأيه!. ما العلاج لهذه النوعيات التي تتكاثر وتتوالد في جميع الأوساط من الشرعي إلى الثقافي إلى الرياضي، بل وتجد البيئات الخصبة لنموها المشوّه؟!. قد يقول البعض النصيحة! جميل! فالنصيحة مطلوبة ولكن المُشاهَد وللأسف أن السيّد المخلّص وأشباهه بلغوا مرتبة من الحمق جعلتهم لا يدرون ولا يدرون أنهم لا يدرون، فإذا نوصح بأن بوصلته مضطربة وأنه يسير في اتجاه فاضح ومدمر لوطنه ولسمعته! وأن المقصد قد يكون سليماً ولكن الفكرة ليست سليمة، وأن هذا الجهد الذي يبذله لو كان في الطريق الصحيح أو داعماً لمن هم على الطريق الصحيح لحققنا من خلاله الكثير!. بدأ بالبكاء والنحيب وسرد قائمته المكرورة (حقاً! لا بد للموهبة من عقاب)! هذا الوطن لا يقدّر مبدعيه! لو كنت في مجتمع غير هذا المجتمع لنصبوا لي التماثيل! لا غرابة! فكوبرينق مات وهو ينتظر الإعدام! وجردانو برونو أحرق بالنار وذرّ رماده في الهواء! وجاليليو أجبر على الركوع أمام ظلامي! وعندما ترد ببساطة وصدق: ليس الأمر كذلك يا سيدي المفكّر! ولكن أفكارك وطرحك فاشل!. ينتقل إلى الخطوة الثانية ويعود إلى المربع الأول: الهجوم المضاد، فأنت لا تحب الوطن، ولا تريد له التقدم ولا الرقي، ولديك أجندات خفية ومقاصد سيئة!. حقاً إنه وضع محير ومؤلم وهدر للجهود والطاقات غير مُبرّر!.