أمر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أمس بإجراء اقتطاعات في الموازنة عقب انهيار أسعار النفط العالمية بسبب قرار منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" عدم خفض سقف الإنتاج. وذكر مادورو أنه لا بد أن يتقبل هو ومسؤولو الحكومة الآخرون خفض رواتبهم في إطار تخفيضات في الميزانية ردا على انخفاض أسعار النفط، مشيرا إلى أنه ينتظر اقتراحا بخفض كبير لتقديمات ورواتب كبار الموظفين والوزراء والوزراء المنتدبين ورؤساء المؤسسات الحكومية ونوابهم. ووفقا لـ "رويترز"، فإن النفط يمثل 96 في المائة من عائدات فنزويلا من التصدير ومن ثم فإن هذا الانخفاض في الأسعار لمستويات لم تشهدها منذ عدة سنوات في السوق العالمية قد أثر عليها بشدة مما أدى لتفاقم تراجع اقتصادي عام ونقص في العملات الأجنبية وندرة في السلع الأساسية. وأشار مادورو في كلمة في التلفزيون الرسمي إلى أن هذا اختبار لي مؤكدا أن بلاده ستضغط داخل "أوبك" وفيما بين الدول المنتجة للنفط غير الأعضاء في "أوبك" للوصول بسعر النفط إلى 100 دولار للبرميل. وهبط سعر الخام الأمريكي 10 في المائة عند الإغلاق في أكبر هبوط له خلال يوم واحد منذ أكثر من خمس سنوات مع تراجع سعر خام برنت القياسي لأقل من 70 دولارا للبرميل. وبحسب الحكومة الفنزويلية فإن سلة تصدير النفط الفنزويلي التي بلغ متوسط سعرها 103.42 دولار في 2012 و98.08 دولار في 2013 هبطت لأدنى مستوى لها منذ أربع سنوات إلى 68.08 دولار. وتراجعت شعبية مادورو وذلك إلى حد ما بسبب الأزمة الاقتصادية التي تشهدها بلاده، وقال مادورو الذي فاز في انتخابات جرت العام الماضي ليحل محل هوجو تشافيز الزعيم الاشتراكي الراحل إنه أصدر قرارا بتشكيل لجنة جديدة لتقديم توصيات لخفض الإنفاق العام. وأكد مادورو أن هناك حاجة لتخفيضات مختلفة في الميزانية، وقد أمرت بمراجعة مرتبات الوزراء ومؤسسات الدولة بدءا من رئيس الجمهورية، مؤكدا أن أسعار النفط العالمية ستعاود ارتفاعها في نهاية الأمر وسخر من خصومه السياسيين الذين يقولون إن هبوط العائدات قد يكون المسمار الأخير في نعش الحكومة الاشتراكية. وفنزويلا التي تمتلك أكبر احتياطي من الذهب الأسود في العالم وتعتمد اعتمادا كبيرا على صادراتها النفطية التي تدر 96 في المائة من مواردها من العملات الأجنبية فشلت في إقناع بقية أعضاء أوبك الـ 11 بخفض سقف الإنتاج، إذ قررت المنظمة التي اجتمعت الخميس الماضي في فيينا الإبقاء على سقف إنتاجها اليومي عند 30 مليون برميل، حتى بعد هبوط أسعار النفط بأكثر من الثلث منذ حزيران (يونيو) الماضي. ومع أن مادورو أكد أن بلاده قادرة على الصمود إزاء تراجع أسعار النفط، إلا أنه أعلن عن تشكيل لجنة مهمتها النظر في كيفية خفض النفقات العامة. وكان مادورو أكد في السابق أن أسعار النفط لن تؤثر على بلاده حتى لو انخفض سعر البرميل إلى 40 دولارا، لكنه عاد وطالب بأن يكون سعر برميل النفط 100 دولار. وأدى قرار "أوبك" إلى انخفاض أسعار النفط لأدنى مستوى لها منذ أربع سنوات (أقل من 70 دولارا لخام برنت ونحو 66 دولارا لخام غرب تكساس) وأثار عاصفة في الأسواق المالية مع تراجع سعر صرف عملات البلدان المنتجة للخام الأسود وأسهم الشركات النفطية. من جهة ثانية، أعلن مادورو أن رودولفو ماركو توري وزير الاقتصاد الفنزويلي سيتوجه إلى الصين في الأسبوع المقبل لتعميق الاتفاقات الاقتصادية والمالية مع بكين، الأمر الذي من شأنه إعانة كراكاس على مواجهة تراجع موارد الذهب الأسود. وسبق لبكين أن أقرضت كراكاس ما مجموعه 40 مليار دولار، علما بأن نسبة العجز في الموازنة الفنزويلية بلغت في العام الماضي 16 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وتعتبر أسعار النفط بالغة الأهمية لفنزويلا التي تواجه مديونية متزايدة وعجزا في توفير المواد الأساسية ومعدلات تضخم مرتفعة، ووعد مادورو بألا تشمل الاقتطاعات برامج الإسكان الشعبي ودعم المواد الغذائية التي أطلقها سلفه هوغو تشافيز الذي توفي بالسرطان العام الماضي. وتراجعت شعبية مادورو بنسبة 30 في المائة في حين بلغ معدل التضخم 63.4 في المائة، وخسر النفط الفنزويلي ثلث قيمته في النصف الثاني من العام الجاري.