×
محافظة المنطقة الشرقية

استضافة الاهلى للفيصلى

صورة الخبر

تعد السنين الأولى والتي تسبق مرحلة الدخول للمدرسة من المراحل العمرية المهمة والتي يمكن من خلالها تنمية واكتشاف الإبداع لدى الأجيال، وهذا لايعني بأي حال من الأحوال أن السنين اللاحقة ليست على قدر من الأهمية بل هي أيضا ذات أهمية متى ما وجد فريق من المعلمين المخلصين الذين يتفانون في اكتشاف المواهب من أجل رفعة الأمة وعلو شأنها، لأننا حقيقة سئمنا من التعليم التقليدي، وأعتقد انه جاء الوقت الذي يستشعر فيه كل المعلمين بحاجة الأمة الى عقول أبنائها من خلال الحرص على اكتشاف تلك الشريحة البسيطة من المبدعي، وهذا بطبيعة الحال لايعني ان المسؤولية تقتصر على المعلمين بل تتعداهم إلى الوالدين والإعلام بتبني برامج محفزة للإبداع بأشكاله المختلفة وإلى التجار بتبني تلك المشاريع الخيالية وتحويلها إلى واقع ملموس يستفيد منه التاجر ويخدم به أمته. والطفل المبدع عادة ما يلاحظ عليه الحركة الزائدة وحب الاطلاع وسبر غور الأشياء المحيطة به والرغبة في فحص الأشياء وربطها ببعض وعدم القدرة على الاقتناع بالإجابة مما يجعله يطرح العديد والعديد من الأسئلة والتي تجعل المحيطين به من آباء وأمهات ومعلمين يضيقون ذرعا بهذه الأسئلة، ولربما يعتقد البعض أنها نتاج مرض كفرط الحركة مثلا لا يمكن شفائه إلا بالمهدئات! إن إصرار الوالدين على كبح جماح الأطفال كثيري الحركة قد يقود إلى انطفاء شمعة كادت ان تضيء سماء أمة آن لها ان تصحى من كبوتها، وفي المقابل تعد عملية التعرف على إبداعات الأطفال من قبل الوالدين والمدرسة والمجتمع بأسره سببا مهما في تمنية قدرات الطفل الإبداعية، بمعنى أننا لانساهم فقط في مساعدة المبدعين بل نحرض على اكتشاف اولئك الذين لديهم حس ابداعي بمجهودات بسيطة. فقد اثبتت الدراسات العديدة ان للعوامل البيئية دور كبير وفاعل يساوي دور العوامل الوراثية في تكوين الشخصية الإبداعية لدى الطفل، فليس شرطا ان يكون الطفل عبقريا كي يكون مبدعا، حيث يستطيع اصحاب الذكاء العادي تفجير إبداعاتهم متى ما وجدوا الأرض الخصبة، وانظروا حولنا هذه الأيام بالمملكة عندما قام خادم الحرمين الشريفين بدعم الإبداع والمبدعين كيف تفجرت طاقات شبابنا، حيث بدئنا نسمع كل يوم عن ابداع وفي شتى مناحي الحياة، وهذا يدل دلالة واضحة وأكيده من ان الإبداع موجود بدواخلنا بصورة كامنه يظل ينتظر من ينير له الطريق ليتفجر ويضىء الدروب للأمة والإنسانية جمعاء. وقد راى علماء التربية وعلم النفس ان المناهج التي تعتمد على الحفظ والتلقين (كمناهجنا) هذه الأيام لا تحفز على الإبداع بل أنها تعد طاردة له، لان الممارسة الميدانية والعملية تتيح للاطفال القدرة على اطلاق العنان لمخيلاتهم. بل ان الكثير من الدراسات توصي الاباء والمعلمين بان لايفرضوا آرائهم على الاطفال حتى يتسنى لهم حرية التعبير واثارة الخيال وشد الانتباه. * ماذا نفعل لرفع الإبداع لدى الأطفال؟ - لابد أولا من رفع تقدير أطفالنا لذواتهم من خلال الإصغاء لهم واحترام آرائهم والرفع من شانهم، ولنا في رسول الله قدوة حسنة فقد كان يضع الغلمان على يمينه بصدر المجلس والأشياخ على يساره، وهذا عكس مانراه هذه الايام في مجتمعنا حيث يجلس الاطفال حيث ينتهي بهم المجلس، وهذا الامر يدمر نفسياتهم ويحطم معنوياتهم ولا يخلق بالتالي جيل نستطيع الاعتماد عليه اطلاقا، لانه مسلوب الارادة وتقديره لذاته معدومة تماما، وهذا الامر بطبيعة الحال لن يصنع امة قوية نستطيع ان نناطح بها بقية الامم. - كما لا يمكن ان نغفل تلك الكلمات النابية والمحطمة للإبداع كاستخدام كلمة (غبي) وما شاببها ولنحذر من استخدامها مع الاطفال لان إصدارها يعني تدميرا لشخصية الطفل، لان الوالدين هما قدوة الطفل وهما من يشهد أولا على ذكائه فإذا أصدر أحدهما أو كلاهما هذا القرار فلن يقابله إلا التصديق من قبل هذا الطفل، وهنا نعد حقيقة أجهزنا على الإبداع وكبتناه للأبد. - البعد البعد عن الاستهزاء والتهكم والسخرية بأي فكرة يطرحها الطفل، وحتى لو فشل مرة فعلينا ان نعينه بالقول حاول مرة أخرى وأخرى، بل والإكثار من القول إن الكثير من العلماء والمخترعين حاول (ولا نقول فشل) مرات عديدة إلى أن وصل للاكتشاف الذي نراه أمامنا. - تشجيع الاطفال على الابداع والتميز والاستكشاف بأخذهم الى معارض الكتاب والسيارات والاجهزة الالكترونية، بل وشراء الاجهزة والهدايا المحفزة للابداع وتشجيعه على فكها وسبر غوره، فلا ضير أن تخسر مئة أو ألفا وتضيف للامة مخترع جديد. - بل انني انادي تجارنا الاعزاء وكل من لديه القدرة على فتح محال تجارية ان يقوم بفتح محال تجارية عبارة عن مواد واجهزة مفككة واسلاك يقوم الطفل بتجميعها وتكوين مواد واجسام تنمي لديه حاسة الابداع. - لا بد من تعليم الطفل منذ الصغر حب المبادرة والتخطيط وإسناد مسؤوليات تتناسب والمراحل العمرية التي يمر بها حتى يعتمد على نفسه وبالتالي تزيد ثقته بنفسه. - على مدارسنا والمخططين للتعليم لدينا التخلص من أسلوب الحشو هذا الذي يمارس بمدارسنا، فماذا ينتظرون خمسين سنة أخرى ليتأكدوا بأن هذا الأسلوب عديم الجدوى والفائدة، يمكن ان هذه المناهج كانت مناسبة لتلك الحقبة ولكنها لم تعد كذلك في هذا الزمان، نريد مناهج تفجر الابداع في جميع مناحي الحياة، نريد مدارس تعلم الأخلاق والمفاهيم بأسلوب علمي رصين. - الابتعاد عن تأنيب الاطفال ولومهم عند إخفاقهم أو الاسراف في تدليلهم والمبالغة في حمايتهم إن الدراسات والبحوث تؤكد أن أكثر ما يميز أباء الأطفال المبدعين هو احترام الأباء لأبنائهم وثقتهم في قدرتهم في الوصول الى نتائج رائعة. مع إعطائهم الحرية الكاملة في اكتشاف عالمهم واتخاذ قراراتهم في ممارسة الأنشطة بأنفسهم دون تدخل من إبائهم، مع البعد عن التدليل والحماية الزائدة مع توفير الاستقلالية المنضبطة. وبهذه الأمور تستطيع عزيزي القارئ تفجير القدرات الإبداعية لدى أبنائك أو طلبتك من أجل أن تساهم بلبنة في رفعة وعزة هذا الأمة بحول الله وقوته.