رام الله: كفاح زبون تل أبيب: «الشرق الأوسط» توجهت حكومة إسرائيل قبل أيام إلى «الناتو» (حلف شمال الأطلسي)، للمطالبة باتخاذ خطوات عقابية ضد تركيا، بدعوى أنها تحتضن قيادة حماس السياسية والعسكرية في إسطنبول، من دون وضع قيود على نشاطاتها. وقالت إن صالح العاروري، القيادي في حماس والأسير المحرر، يعمل من هناك بحرية كاملة على التخطيط والتمويل للعمليات الإرهابية ضد أهداف إسرائيلية. ونقلت مصادر أمنية في تل أبيب تقريرا مفصلا عن العمليات المذكورة، قال فيه «الشاباك» (جهاز االأمن العام)، و«الموساد» (مخابرات إسرائيل الخارجية)، إن العاروري جعل من إسطنبول مركزا لقيادة العمليات ضد المواطنين الإسرائيليين. ونسب التقرير إلى العاروري مسؤوليته عن تنفيذ غالبية العمليات الأخيرة، بدءا من خطف الشبان المستوطنين من منطقة بيت لحم في يونيو (حزيران) الماضي وقتلهم، وهي العملية التي قادت إلى الحرب العدوانية على قطاع غزة، وإلى عمليات الدهس التي نفذها فلسطينيون في محطات القطار الخفيف في القدس الغربية وقرب بيت لحم، وإلى الهجوم بالسكاكين والمسدسات على المعبد اليهودي في القدس قبل أسبوعين. وأكدت أن العاروري هو من يمول هذه العمليات ويرسل الأموال والأوامر لتمويل وتنفيذ المزيد منها. وعبر قنوات مختلفة، نقلت إسرائيل رسائل رسمية إلى الحلف الأطلسي تندد بسلوك تركيا من جهة، وتحتج على علاقتها بـ«منظمة إرهابية» من جهة أخرى. وقالت فيها إن تركيا احتضنت قادة حماس بعد هربهم من دمشق، وراحت تشجعهم على نشاطهم المعادي لإسرائيل، الذي يتم التنسيق بشأنه مع مختلف القوى في المنطقة، وبينها «حزب الله» اللبناني، حليف الأسد. وتضمن التقرير المذكور، وفقا لمصادر أمنية إسرائيلية، اعترافات الكثير من نشطاء حماس، الذين اعتقلتهم السلطات الإسرائيلية في الشهور الأخيرة، والذين أبرزوا كيف خطط العاروري لتنفيذ انقلاب على السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، ويتضح منها أنه أرسل عشرات الخلايا المسلحة لتنفيذ عمليات تفجير وخطف مسلحين ومدنيين يهود، بهدف إحداث فوضى عارمة في الضفة الغربية، قصد استغلالها للانقلاب. وقد تمكنت إسرائيل من اعتقال 96 شخصا من نشطاء حماس في يوليو (تموز) الماضي، ثم نفذت حملة أخرى في الشهر الحالي اعتقل فيها أكثر من 100 ناشط من حماس، إضافة إلى إعادة اعتقال معظم أسرى حماس الذين تم إطلاق سراحهم في صفقة شاليط عام 2010. ووفقا للتقرير الإسرائيلي أيضا، فإنه لا يستبعد أن يكون العاروري، الذي كان معتقلا في تلك الفترة مع هؤلاء الأسرى، وضع خطة الانقلاب معهم عندما كانوا في الأسر. وقال مسؤول إسرائيلي لصحيفة «إسرائيل اليوم» أمس، إن «قيادة حماس في تركيا تحظى بدعم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وتنشط تحت إشرافه». وأضاف أن إردوغان «يدعم الإخوان المسلمين بصورة علنية، ولا مانع لديه من أن يحتضن حماس»، التي تعدها إسرائيل والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية. وتشهد العلاقات الإسرائيلية - التركية توترا عميقا منذ وقوع حادثة أسطول مرمرة الذي اتجه عام 2010 إلى قطاع غزة بغية كسر الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع، وبعد أن تعرضت له قوات الأمن الإسرائيلية أسفرت الاشتباكات بين الجنود الإسرائيليين والناشطين على متن السفينة عن مقتل 9 مواطنين أتراك، مما أدى إلى أزمة دبلوماسية كبيرة بين البلدين. وفي آخر تطور يتعلق بأزمة «مرمرة»، أبدى رئيس الحكومة الإسرائيلي أسفه للحكومة التركية على مقتل المواطنين الأتراك، لكن العلاقات لم تعد إلى وضعها الطبيعي بعد. ويذكر أن الحكومة الإسرائيلية تدرس خطة جديدة لفرض عقوبات على الفلسطينيين، بينها إخراج «الحركة الإسلامية» في إسرائيل، وحركة المرابطين الفلسطينيين في المسجد الأقصى المبارك عن القانون، بهدف وقف نشاطهما في الحرم. وقبل أن يسن قانون بهذا الخصوص، سارع وزير الداخلية الإسرائيلية جلعاد إردان أمس إلى تطبيقه، حيث سحب حق الإقامة بالبلاد من نادية أبو جمل (22 سنة)، زوجة أحد منفذي عملية الكنيس، التي نفذت الأسبوع الماضي في القدس، وقتل فيها 5 إسرائيليين وأصيب آخرون. وفسر قراره بالقول إنه «يتحتم على الإرهابيين أن يعرفوا أن العقاب لا يطالهم وحدهم، بل يطال عائلاتهم أيضا». من جهته، قال حسام يدران، المسؤول في حركة حماس، إن «الأسطوانة الإسرائيلية المشروخة» المتعلقة باتهام القيادي في الحركة صالح العاروري لها أهداف معروفة، وهي التحريض على الدولة التي تستضيفه (تركيا). وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «اتهاماتهم غير صحيحة ومفبركة منذ أن اتهموه بالمسؤولية عن عمليات، وبالتخطيط للانقلاب على السلطة، وكل ذلك مفهوم، وهدفه أولا إحراج الدولة المستضيفة له، وثانيا ضرب العلاقة أكثر مع السلطة بهدف تخريب المصالحة نهائيا».