الجزيرة - الرياض: اعتبرت صحيفة «الفايننيشيال تايمز» البريطانية في تقرير حديث لها، القضية المحاسبية التي تعرضت لها شركة اتحاد اتصالات «موبايلي» أول اختبار حقيقي للمشرعين في السوق المالية السعودية في الوقت الذي تتجه فيه المملكة نحو فتح أكبر سوق للأسهم في العالم العربي أمام المستثمرين الأجانب في العام المقبل. ومن المعلوم أن هيئة السوق المالية قد أعلنت في وقت سابق عن فتح المجال للمؤسسات المالية الأجنبية المؤهلة لشراء وبيع الأسهم المدرجة في السوق المالية خلال النصف الأول من عام 2015، وذلك بعد استكمال القواعد والإجراءات النظامية، والتحقق من جاهزية شركة السوق المالية السعودية «تداول»، إلى جانب التنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة وذلك قبل اعتماد تلك القواعد والعمل بها. واتخذ مجلس إدارة «موبايلي» مؤخرا قرارا كف يد العضو المنتدب والرئيس التنفيذي المهندس خالد عمر الكاف، وتفويض سيركان أوكاندان نائب الرئيس التنفيذي بتسيير أعمال الشركة وفقا للصلاحيات المعطاة له، في الوقت الذي تتابع فيه لجنة المراجعة بالشركة تحرياتها حول الأخطاء المحاسبية التي نتج عنها تبديد حوالي 380 مليون دولار من أرباح الشركة السابقة. وقالت الصحيفة البريطانية: إن نشر تقرير الشركة عن الربع الثالث من هذا العام الذي أوضح حدوث هبوط مروع في أرباح هذه الفترة، كما اشتمل على تصحيح لأرقام بشأن عائداتها عن العام 2013، حيث بلغ مقدار التصحيح في أرباح الشركة منذ بداية العام الماضي 1.42 بليون ريال (378 مليون دولار)، أدى إلى هبوط في سعر سهم الشركة خلال الشهر الماضي بنسبة 35 بالمائة بسبب محاولة المستثمرين امتصاص الصدمة الناتجة عن نشر التقرير والتفكير في مصير المجموعة بعد الارتفاع الكبير الذي شهده العام الماضي في سعر السهم. ورغم تعبير المستثمرين عن ارتياحهم للتوضيح الصادر عن الشركة بعد أسابيع من الإشاعات فإنهم أكدوا أن الأمر بحاجة إلى المزيد من الشفافية والتواصل مع العملاء وسط مخاوف من صدور المزيد من التوضيحات. وبحسب «الفاينينشيال تايمز»، تساءل هنري شاول المحلل الاستثماري بشركة الخبير المالية الكائن بجدة عما إذا كان التقرير قد نشر بمجرد اكتشاف الإدارة العليا للوضع، مبديا حيرته إزاء الضوابط التي أدى فشلها إلى حدوث هذه الكارثة، ومؤكدا أن الطريقة التي يتعامل بها الجمهور مع الموضوع سيكون له أثره الكبير على المدى البعيد. وأشارت الصحيفة إلى أن أنظار المسؤولين الماليين في أنحاء العالم المختلفة ظلت مركزة على السيولة القوية التي تتميز بها السوق السعودية، وعلى العديد من الشركات التي استفادت من قوة النمو الاقتصادي في المملكة معتمدة على ارتفاع أسعار النفط والصرف الحكومي، ومن هذه الشركات البنك الأهلي السعودي الذي أقفل حجم توزيع أرباحه على المستثمرين في أسهمه في حدود 6 بلايين دولار. لافتة إلى أدراج «مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة» مؤخرا بعض الأسواق الإقليمية الأخرى، مثل الإمارات العربية المتحدة وقطر إلى قائمتها، ما يعني ازدياد كمية السيولة المتاحة في منطقة الخليج وازدياد تركيز المستثمرين عليها. وفي ذات السياق، يرى متعامل آخر في السوق السعودية خلال حديثه لذات الصحيفة البريطانية أن ما حدث لـ «موبايلي» يعد أول اختبار حقيقي لكيفية تعامل أسواق المال مع مثل هذه القضايا، حيث يجب عليها أن تحقق فيها بدلا من تغطية الأمر، رغم ما ينطوي عليه ذلك من ألم، مشددا على أن أسواق المال في حال رغبت المضي قدما في استقطاب الاستثمارات فعليها إظهار مستوى من الشفافية - حسب تعبيره. وقالت الصحيفة البريطانية: إن هذه الانتكاسة التي تواجه فيها الشركة الإماراتية مثل هذا التراجع في خططها الهادفة نحو التوجه للسوق العالمية ليست المرة الأولى، إذ تورطت في عام 2010 في فضيحة مماثلة في الهند تسببت في سجن وزير اتصالات هندي سابق. الجدير بالذكر أن شركة «اتحاد اتصالات» تمتلك 27.5 في المائة من أسهم شركة موبايلي.