كتب أحد زملاء (تويتر) تغريدة يقول فيها: الإنترنت جعل التوبة صعبة؛ لأنه يوثق كل شيء التغريدات، المقالات، الصور. فقلت: التائب يتوب لربه وليس للمغردين. ولكنه يرى ان بعضهم تأخذهم العزة بالإثم لأنهم موقنون أن الخطأ أو الذنب شاع وانتشر، ولم يعد لهم من الأمر شيء بخلاف الأمر السري حين يتوب عنه المرء لا يبقى له أثر أمام الناس! والحقيقة أن في هذا جانبا من الصحة، فبغض النظر عمن يغرد بما شاء وقد يكون في ذلك بعض الزلل في حق نفسه والآخرين صار الناس يسارعون إلى تفتيش تغريدات كل شخص توفي ليعيدوا نشر بعضها إما طلباً للدعاء له. أو كشف بعض عيوبه!! فنجد تغريدات كثيرة يتناقلها الناس وهم يكتبون هذه آخر تغريدة لفلان! وفي يوم كذا كتب فلان كذا! وبعضهم يكتب وكأنه يحاسب المتوفى قبل أن يحاسبه ربه!! إن ذلك تطاول غير أخلاقي يرتكبه بعض المغردين دون أدنى شعور بالذنب وينسون القول العظيم (اذكروا محاسن موتاكم)، وليتهم اذا لم يفعلوا ذلك أن يعرضوا عن ذكرهم نهائياً بدلاً من الإساءة لأنفسهم قبل إساءتهم لمن يتحدثون عنه. أما تغريدات الخير بطلب الترحم وسؤال المغفرة لمن توفي، فأنعم بذلك من تصرف وهذا بحد ذاته كاف. وليس هناك ما يدعو لغير ذلك. فقد صار المتوفى بين يدي ربه ولا يحتاج من الأحياء الا للاستغفار عنه لا أكثر. ** ألاحظ بوضوح خلطاً كبيراً - عند الشباب ذكورهم وإناثهم - بين الثقة بالنفس وبعض علاماتها فكثير منهم يظن أن سلاطة اللسان هي واحدة من تلك العلامات. كما لا يفرق بعضهم بين بساطة التعبير والوقاحة. قبل يومين استوقفتني إحداهن كما لو كنت صديقة لها وقالت: هل تعرفين أستاذة تدرسنا النحو شعرها قصير وسمراء فابتسمت بأسى عليها! ليس لطريقتها في التساؤل ولكن لأنها في الأسبوع التاسع ولا تعرف اسم من تعلمها. قلت لها: لا أعرفها ولكن صوت زميلة لها جاء عن قرب وهي تعطيها اسماً ما فقالت: نعم نعم إنها هي. رأيتها بعد قليل وهي تسأل عن موقع من تتوقع أنها من تبحث عنها ولما لم تجد جواباً خرجت وهي ترفع صوتها بتعليقات سأقول بأنها سخيفة على أقل تقدير. تحدثت مع زميلتي فيما بعد عن تصرف هذه الطالبة فقالت: فوجئت أثناء محاضرتي بمن تفتح الباب بطريقة هجومية لتتفحص وجهي ثم تتراجع وهي تقول: لا، لا تنطبق عليك المواصفات!! هذا المشهد يكاد أن يتكرر كل يوم عشرات المرات بطرق شتى، وهو مؤشر سيئ للمستوى الأخلاقي لدى بعض الشباب، وهم يتعاملون به دون أدنى احساس بالخطأ، بل ومن الواضح أنهم يعتبرونه ثقة بالنفس وجرأة محمودة! كما لاحظت غياب التهذيب اللفظي في التعامل من قبلهم فتغيب عبارات التلطف في الطلب، أو عبارات الشكر، أو الاستئذان. وجرب أن تعترض مرة على ذلك التصرف وستجد جواباً يزيد الطين بلة قد يكون. (وايش صار يعني؟! ليه ان شاء الله؟) ما الذي يحدث؟ ولماذا صار البعد عن الأدب بساطة في التعبير؟!. ** (أسمع كلامك أصدقك، أشوف أمورك أستعجب) هذا القول ينطبق على كل موظف تسمعه يتكلم عن الإخلاص والجدية وحسن الانتاج العملي وكل ما يتعلق بالفهم والوعي والأمانة. ثم يحصل هذا الشخص على إجازة مرضية لحالة تتطلب الراحة التامة، ولكنك تكتشف أن هذه الحالة لم تمنع صاحبها من حضور حفل هنا أو دورة هناك، وربما أيضاً تراه يسافر هنا وهناك لحضور دورة ما أو مؤتمر ما. ولا تجد من يحرك ساكناً من المسئوولين من حوله ضد هذا الفساد الذي يمهد لفساد أكبر فهذا النوع من الموظفين بجنسيهم هم عادة من الذين يتسلقون كل الحبال للوصول إلى ما يريدونه مما لا يستحقونه، وليسوا كفؤا له ولكنهم، وياللعجب يحصلون عليه!! لماذا تتغلب عواطف القائد الإداري في العمل على ايقاف أمثال هؤلاء عن العمل بعد التحقق من سوء التصرف، قبل أن يصل هؤلاء إلى مواقع اتخاذ القرار فيصبح وجودهم وبالاً مضاعفاً. لماذا لا تحظى هذه النماذج السيئة بنتائج خوف الآخرين من قطع الأرزاق مع أن الأمانة تحتم عليهم ذلك!.