بدأت في تونس معركة الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية بين الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي، والباجي قائد السبسي مؤسس ورئيس حزب "نداء تونس" الفائز على الإسلاميين في الانتخابات التشريعية الأخيرة. ومساء الأحد، قال قائد السبسي، في زيارة إلى فريق حملته الرئاسية بالعاصمة تونس: "كل قوى الشر اتحدت ضدّنا لكنهم لم ينتصروا (..) حققنا نتيجة مشرفة جدا (..) غداً نبدأ الدورة الثانية". الدعوة لمناظرة وقال المرزوقي في وقت متأخر من مساء الأحد، في كلمة لأنصاره، من شرفة المقر المركزي لحزبه: إنه يدعو منافسه في الدور الثاني الباجي قائد السبسي "إلى مناظرة تلفزية ومواجهته مباشرة أمام الشعب التونسي." ولم تعلق حملة السبسي المسؤول السابق في عهد زين العابدين بن علي الذي أطاحت به انتفاضة شعبية عام 2011 على دعوة المرزوقي. واضاف المرزوقي أنه ينتظر من منافسه "عدم التهرب من هذا التحدي." ودعا المرزوقي حلفاءه في النضال ممن لم ينجحوا في الفوز في انتخابات الرئاسة الى دعم رئيس ديمقراطي ضد عودة الآلة القديمة في إشارة للسبسي. ولكن محسن مرزوق رئيس حملة السبسي، قال: إن حزبه أصبح هو "النظام الجديد" وإن الخاسرين في الانتخابات البرلمانية هم النظام القديم. متصدر السباق وأعلن محسن مرزوق مدير حملة قائد السبسي في مؤتمر صحفي، مساء الأحد: إن "الباجي قائد السبسي هو بحسب التقديرات الأولية، متصدرُ السباق بفارق كبير" عن اقرب منافسيه الذي لم يسمه، مؤكدا ان قائد السبسي "ليس بعيدا كثيرا عن الـ50 %" المطلوبة لحسم المعركة من الدورة الاولى. في المقابل، قال عدنان منصر، مدير حملة المرزوقي في مؤتمر صحفي: "في ادنى الحالات هناك تماس (تعادل) بيننا وفي الحالات الجيدة نحن متفوقون (على نداء تونس) بنسبة (مئوية) تتراوح بين نقطتين وأربع نقاط". وانتقد منصر نتائج استطلاعات رأي نشرتها وسائل اعلام محلية وأشارت الى تقدم قائد السبسي على المرزوقي، معتبرا ان الهدف من نشرها هو دفع المراقبين التابعين لحملة المرزوقي الى الانسحاب من مراكز الفرز ما يسهل "تزوير" النتائج على حد تعبيره. ودعا محمد المنصف المرزوقي، مساء الأحد، "كل القوى الديمقراطية" الى دعمه في الدورة الثانية حتى يفوز على قائد السبسي. وقال المرزوقي "أتوجه الآن الى كل القوى الديمقراطية التي ناضلت معي وناضلت معها طيلة الثلاثين سنة الماضية من أجل دولة ديمقراطية حقيقية من أجل القطع مع الماضي (..) أطلب منها الان أن تلتف حول مرشح الآن. أنا أصبحت الآن مرشحها الطبيعي". وقرأ مراقبون دعوة المرزوقي على أنها موجهة بالأساس الى "الجبهة الشعبية" (ائتلاف لأحزاب يسارية راديكالية) التي قالت استطلاعات رأي إنها حلت في المركز الثالث. ومساء الأحد، أعلن حمة الهمامي مرشح الجبهة الشعبية للانتخابات الرئاسية ان الجبهة ستجتمع "في أسرع وقت" لبحث تحديد تعليمات انتخابية جديدة للدورة الثانية. وأضاف المرزوقي "يجب ان تكون الحملة الانتخابية المقبلة من أرفع مستوى ممكن. أنا أطلب من الطرف المقابل (قائد السبسي) أن يعطي التعليمات (..) حتى لا نشوش على بعضنا وليكون النقاش من أعلى طراز ممكن في إطار الاحترام الممكن (..) على (أساس) برامج، وافكار وقيم، لا على سب أو شتم". والأحد، اتهمت الحملة الانتخابية للمرزوقي انصار قائد السبسي بالتخطيط لمهاجمة الرئيس المنتهية ولايته خلال قدومه الى احد المراكز الانتخابية بمنطقة القنطاوي (140 كلم جنوب العاصمة). وافاد صحافيون في فرانس برس كانوا في مكان الحادث ان الشرطة ابعدت عن مكتب الاقتراع تظاهرة مناهضة للمرزوقي من دون تسجيل اي حادث يذكر. "حركة النهضة" ويعتقد أنصار "نداء تونس" أن "حركة النهضة" الاسلامية التي حلت الثانية في الانتخابات التشريعية التي أجريت يوم 26 اكتوبر الماضي، تدعم بشكل غير معلن المرزوقي في الانتخابات، فيما تنفي الحركة ذلك. ولم تقدم النهضة التي حكمت تونس من نهاية 2011 الى بداية 2014، مرشحا للانتخابات الرئاسية، وقالت: انها تركت لانصارها حرية انتخاب رئيس "يشكل ضمانة للديموقراطية". ومساء الأحد، أعلن شفيق صرصار رئيس "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات" ان نسبة المشاركة في الانتخابات التي جرت الأحد، بلغت 64,6 في المائة معتبرا انها نسبة "مشرفة". وبحسب القانون الانتخابي، يتعين على الهيئة الانتخابية اعلان النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية في أجل اقصاه ثلاثة أيام بعد اغلاق آخر مكتب للاقتراع أي يوم 26 تشرين الثاني/نوفمبر. لكن الهيئة اعلنت أنها "ستسعى لاختصار هذا الأجل إلى يومين". ووفق هذا القانون، وفي حال عدم حصول أي من المرشحين على "الأغلبية المطلقة" من أصوات الناخبين أي 50 بالمائة زائد واحد، تجرى دورة انتخابية ثانية في أجل اقصاه 31 ديسمبر/كانون الاول القادم، يشارك فيها فقط المرشحان الحائزان على المرتبة الأولى والثانية في الدورة الأولى. وينص القانون الانتخابي على انه في حال حصول عدد من المرشحين على نسبة متساوية من الاصوات في الدورة الاولى "يتمّ تقديم المرشح الأكبر سنا، أو التصريح بفوزه إذا كان التساوي في الدورة الثانية". وتقدّم الى الانتخابات الرئاسية 27 مرشحا انسحب خمسة منهم. وهذه أول انتخابات رئاسية حرة وتعددية في تاريخ تونس التي حكمها منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1956 وطوال أكثر من نصف قرن، رئيسان فقط هما الحبيب بورقيبة (1987-1956) وزين العابدين بن علي (2011-1987). ووصف وزير الخارجية الاميركي جون كيري الانتخابات التي جرت الاحد في تونس بأنها "لحظة تاريخية" وتعهد بأن بلاده سوف تعمل مع الحكومة التونسية المقبلة.