الحكومة المغربية برئاسة عبدالإله بن كيران ضغوطاً شعبية وحزبية لحضها على إعادة النظر في قرار رفع أسعار الوقود، إذ تشهد مختلف المدن المغربية تظاهرات اليوم فيما أعلنت 8 نقابات مهنية إضراباً عاماً بدءاً من غد (الاثنين) يستمر ثلاثة أيام رداً على قرار الحكومة زيادة أسعار المحروقات الأسبوع الماضي. وأعلن «حزب الاستقلال» المشاركة في الاحتجاجات الشعبية ضد قرار رفع اسعار الوقود، ووصف الحدث بأنه «يوم غضب عارم». وهذه المرة الأولى التي يقرر فيها الاستقلال إلى جانب الاتحاد العام للعمال وتنظيمات موازية النزول إلى الشارع في «مواجهة ساخنة» ينظر إليها مراقبون كمؤشر لإعداد الأجواء السياسية لإمكان طلب سحب الثقة من الحكومة عبر مجلس النواب في حال وقع اتفاق بين كافة الفصائل المعارضة ودخول هيئات نقابية وقطاعية على خط المواجهة. وكانت مصادر الاستقلال أفادت بأن مشاركته في تظاهرات الأحد «لا علاقة له بانسحاب وزراء الحزب من حكومة عبدالإله بن كيران» وأوضحت ان «الاستقلال» اعتبر أثناء مشاركته في الحكومة المساس بالقدرات الشرائية للمواطنين «خطا أحمر»، وأن تكريس الاستقرار رهن بـ «مراعاة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تجتازها البلاد» واتهم الحكومة بـ»تغييب المؤسسات» قبل اتخاذ قرارات تنعكس سلباً على الأوضاع الاجتماعية. ودعا زعيم الاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر إلى تشكيل «جبهة ديموقراطية واجتماعية» لمواجهة ما وصفه بـ «التيار المحافظ» الذي يقود الحكومة، في إشارة إلى «العدالة والتنمية «الإسلامي الذي يتزعمه رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران. وقال في اجتماع حزبي أول من أمس أن البلاد وصلت إلى عنق الزجاجة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، مشيراً الى إخفاق مشاورات التعديل الحكومي واتخاذ قرارات غير شعبية في غياب أي حوار. ووجه نداء إلى فعاليات يسارية للانخراط في الجبهة الجديدة التي تضم أحزاب المعارضة والمركزيات النقابية يكون هدفها «إلحاق الهزيمة بالتيار المحافظ» الذي يقود الحكومة، ودعا إلى ترك الخلافات وراء هذه الفاعليات، معلنا تنظيم يوم احتجاجي حاشد السبت المقبل. وبالاضافة الى التظاهرات اليوم (الأحد) في مختلف المدن المغربية، أعلنت ثمانية نقابات مهنية تابعة لـ»الفدرالية المغربية للنقل» تنفيذ إضراب عام بدءاً من الغد يستمر ثلاثة أيام رداً على قرار الحكومة زيادة أسعار المحروقات الأسبوع الماضي. وذكرت النقابات إن الحكومة لم تستشرها في موضوع الزيادة التي فوجئت بها ولها انعكاسات سلبية على المواطنين الذين يستعملون وسائل النقل العمومية. واعتبرت تفرد الحكومة بقرار رفع أسعار مشتقات الطاقة للمرة الثانية في عام «متسرعاً وارتجالياً وله تداعيات اقتصادية واجتماعية». وأعلن وزير الشؤون العامة نجيب بوليف أن الحكومة رصدت مبلغ 150 مليون درهم لتعويض سائقي سيارات الأجرة لتفادي غلاء أسعار المحروقات، كما سيتم تقديم دعم آخر الى أصحاب الحافلات ودراسة طلبات أصحاب شاحنات نقل البضائع بما فيها خفض نسب الضرائب على «الغازوال». واضاف الوزير إن الحكومة ستؤسس «صندوقاً لدعم الفقراء» في المغرب قبل مراجعة أسعار غاز الطهي والسكر ودقيق الخبز, وهي السلع الاستهلاكية الشعبية التي سيتم رفع الدعم عنها تدريجيا في مسعى لتقليص عجز الموازنة المقدر بنحو 7 في المئة والذي تضرر من ارتفاع أسعار الطاقة في السوق الدولية. وكانت الحكومة رصدت مبلغ 40 بليون درهم (نحو خمسة بلايين دولار) لدعم الأسعار الأساسية , لكن تلك المبالغ لم تعد كافية لحماية الأسعار من الارتفاع ما تطلب تحميل جزء من الأعباء الى الطبقات الوسطى ومحدودة الدخل. واعتبر محللون أن الحكومة ستواجه معارضة غير مسبوقة في البرلمان الشهر المقبل، تدعمها مواقف النقابات المهنية والمركزيات النقابية التي رأت في موضوع رفع أسعار المحروقات – فرصة لـ» الإجهاز» على ما تبقى من حكومة عبدالإله بن كيران التي جاءت الى الحكم في مناخ الربيع العربي. وتعتقد المصادر أن ما يجري في أكثر من بلد عربي ضد «التيارات الإسلامية» قد يضعف موقف الحكومة «نصف الإسلامية» في الرباط. ويتفاوض ابن كيران منذ ثلاثة شهور مع حزب «التجمع الوطني للأحرار» ( الليبرالي ) لإشراكه في الحكومة، وقد يكون موضوع أسعار المحروقات احد الأوراق الرابحة لصالح «الأحرار» لفرض بعض شروطه في الحقائب الوزارية المقبلة بخاصة وزارة المال التي كان يشغلها الحزب في الحكومة السابقة.