×
محافظة الباحة

مكان الماء المذهل في جبل شدا

صورة الخبر

- توقعت أن أجد كل شيء في جبل شدا الأعلى، إلا أن أقف أمام موقع ماء مذهل يوحي ويقول. أن تقف على حقيقة وتعطيها تفسيرا منطقيا غاب عن الجميع، فذلك مدعاة لإبهار النفس. هذا ما فعلت. مسكت رأس خيط يوجه اهتمامي إلى عالم أسرار جبل شدا بقرنيه الأعلى والأسفل. أراه جبلا مقدسا بما يحمل من أسرار أساطير وعجائب تثيرها تكويناته. تعززها حكايات تاريخ الأماكن. حتى القبور في مقابره القديمة تراها في كل اتجاه بالطول والعرض، تتداخل لتزيد من الغموض الذي يلف المكان. قبور منحوتة في الصخر لتوفير الأرض الزراعية النادرة في الجبل. - مشهد مكان الماء عصف بفكري أثناء زيارتي بتاريخ 31-24 يناير 2024. وكانت الأولى عام 2019، توسعت قراءتي لقصة الإنسان مع الماء في جبل شدا. فأدعو: يا رب عونك. هذا جبل مقدس يستوي فيه الصخر والماء. كيف لي أن أتعامل مع جبل يحمل سيرة ذاتية للماء؟ يدور في فلكها شدا الصخور والإنسان، الجغرافيا والتاريخ، الأسرار والاساطير. لأول وهلة أشعر بأنني لا أكتب لنفسي. وجدت جبل شدا يملي على قلمي الكتابة ويتحكم. - هذا الماء كان سبب زياراتي. أقوم حاليا بكتابة قصة الإنسان مع الماء في جبل شدا التهامي. لن أحدثكم عن كل مشاهداتي فذلك هو موضوع كتابي القادم. لكن كنت أسمع منذ الصغر، عن جبل منطقة الباحة الاستثنائي، وعن «بُن» هذا الجبل «الصّالبي» المميز. اشتريت من ثمره عام 1995م . من سوق السبت بمدينة بلجرشي. من سيدة طاعنة في السن. كانت تشتكي قسوة ظروف زراعته، وتعب حصاده، وصعوبة تسويق حباته. تعاطفت معها فاشتريت كل الكمية المحدودة المعروضة أمامها. هذه العجوز زرعت بداخلي شغف زيارة جبل شدا. فكانت زيارتي الأولى عام (2019). كانت خاطفة كتبت عنها في حينه. - في زيارتي الأخيرة، 31 يناير 2024، وجدت درجة حرارة تهامة 25 مئوية. وكانت في رأس عقبة حزنة 10 درجة مئوية. الفاصل الزمني بين أعلى العقبة وأسفلها لم يتجاوز نصف ساعة. - في الطريق أثناء صعود الجبل قابلنا أحد الأهالي. قدم مشكورا هدية لشخصي 10 شتلات من اشجار بُنّه الصّالبي الصغيرة. فرحت بها وتفاءلت. أيضا قدم كنز من المعلومات عن إدارة الماء في مدرجاته الزراعية القليلة والمحدودة المساحة. ودعناه. واصلنا الصعود نحو كهف صخري يحمل الماء. يتحدثون عنه كتجويف طبيعي كبقية الكهوف والمغارات في الجبل. - مشينا على الأقدام لتجاوز عقبات الطبيعة الآسرة، توحي وتقول. شعرت وكأنها تود البوح لشخصي بشيء. وصلنا إلى كهف الماء. وجدنا فتحة في تكوين صخري عملاق. عليها باب حديدي يغمره الصدأ. أزحنا الباب ودخلنا. لم نستطع مواصلة السير، فالماء يغطي أرضية المغارة بحوالي نصف المتر. لكن لها ارتفاع في المقدمة ساعد على الوقوف دون بلل. مقدمة الكهف أشبه بصالة صغيرة تأخذك إلى الداخل عبر إنحناء نفق يحجز رؤية المزيد. تسمع قطرات الماء في المكان. يكتنفها هدوء وصمت يبعث على التحفيز والإلهام. - بعد اجتيازي صدمة المشاهد والدهشة. استنتجت بأن الذي أشاهده ليس مغارة أو كهف طبيعي في الصخر كما يدعون. استنتجت بأنني أمام بئر أفقية تم نحتها في الصخر بالأزاميل والمطارق، وبدقة خبراء، تقفّوا في الصخور طريق نزول الماء من سقفها. لم استطع التقدم في تعرجاتها. كان سقفها أمامي بارتفاع يزيد عن المترين. بمدخل لا يتجاوز المتر طولا وعرضا. تراجعت وخرجت أبحث عن نفسي وسط كومة التساؤلات. - عدت إلى سيارتي مقتنعا بما ذهبت إليه بعد رصدي لأكثر من دليل. اعتبرت تفسيري هذا من أثمن الأشياء التي حققتها في حياتي. تفسير يكشف ابعادا جديدة لأسرار واساطير وحقائق جبل شدا المجهولة. @DrAlghamdiMH