×
محافظة الرياض

المملكة تقود مستقبل التحول الرقمي

صورة الخبر

ساهمت رؤية المملكة 2030 في تحويل الاقتصاد السعودي من الاعتماد على النفط إلى مركز عالمي متنوع من خلال تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل والاعتماد على الابتكار كركائز ثابتة لتحقيق كيان مزدهر ومستقبل مستدام وذلك عبر الاستثمار في قطاعات جديدة وتحسين بيئة الأعمال لجذب الاستثمار الأجنبي وتطوير البنية التحتية والخدمات اللوجستية، وتعزيز التقنية والابتكار، وتمكين القطاع الخاص والشباب، وتحقيق الريادة في السياحة والفعاليات الدولية، مما جعلها بوابة رئيسية بين قارات العالم ومركزًاً اقتصادياً مؤثرًا ووجهة تجارية رائدة. لقد جاءت كلمات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -يحفظه الله- عقب إعلان الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2026 لتكشف عن عمق التحول الاقتصادي الذي تعيشه المملكة منذ إطلاق رؤية 2030، إذ قال سموه: «إن ما حققته المملكة من تحول هيكلي منذ انطلاقة رؤية 2030 أسهم في تحسين معدلات نمو الأنشطة غير النفطية»، تلك العبارة التي تلخص مسارًا اقتصاديًا لم يعد يعتمد على تقلبات أسعار النفط غير المستقرة، بل يقف على قاعدة صلبة من التنويع والابتكار والاستثمارات النوعية، وإذا كان هدف الرؤية يكمن في تقليل الاعتماد على النفط وبناء اقتصاد مزدهر ومستدام فلا بد إذن من زيادة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي عن طريق تمكين القطاع الخاص في المساهمة في الاقتصاد الوطني بما في ذلك زيادة وتوسيع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، كذلك إطلاق وتطوير قطاعات واعدة مثل السياحة والترفيه والرياضة وجعل المملكة وجهة سياحية عالمية، كذلك تطوير الصناعات التحويلية والطاقات المتجددة وتوطين التقنيات والصناعات، هذا إلى جانب استغلال الموقع الجغرافي الفريد للمملكة كمركز ربط للقارات الثلاث (آسيا، أفريقيا، أوروبا) وتطوير المراكز اللوجستية واستقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية المباشرة في القطاعات غير النفطية، إلى جانب الاستثمار المكثَّف في التقنيات المتقدمة وبخاصة البيانات والذكاء الاصطناعي وجعلها ركائز لتحقيق الرؤية. أيضا من الأهمية بمكان دعم ثقافة الابتكار وريادة الأعمال وتوفير بيئة جاذبة للمبتكرين والصناديق والشركات الناشئة وحماية الملكيات الفكرية وتطوير التعليم والتدريب لضمان مخرجات تعليمية مؤهلة متوائمة مع احتياجات سوق العمل الحالية والمستقبلية خاصة في المجالات المعرفية والتقنية. أيضا العمل على اسقطاب الكفاءات والمواهب العالمية المتخصصة لدعم متطلبات التنمية وبناء شراكات اقتصادية وعلمية واستثمارية مع دول ومؤسسات عالمية لتبادل المعرفة والتقنية. بيئة اقتصادية محفزة للنمو وتهدف كل هذه الجهود مجتمعة إلى خلق بيئة اقتصادية محفزة للنمو، قادرة على المنافسة عالمياً، وتوفر فرص عمل نوعية للمواطنين من الجنسين، وتحقق التنمية المستدامة، وهذه الرؤية ساهمت في تحويل المملكة من اقتصاد يعتمد على النفط إلى مركز ابتكار مدفوع بالذكاء الاصطناعي لتقود المملكة مستقبل التحول الرقمي في منطقة الشرق الأوسط، وليس هذا فقط بل تمكنت من احتلال مراكز متقدمة وبارزة في «موسوعة جينيس» للأرقام القياسية ولتكون كذلك من أكثر الدول العربية تسجيلًا للأرقام القياسية حيث سجّلت حتى الآن أكثر من 230 رقمًا قياسيًا عالميًا في مجالات تمتد من البنية التحتية والطاقة والمياه، إلى الترفيه والسياحة والإنجازات الفردية، لتحتل المركز الثاني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من حيث عدد الأرقام المسجّلة، ويُنظر إلى المملكة في «موسوعة غينيس» من ضمن الدول الأكثر نشاطًا في تسجيل الأرقام القياسية عالميًا، وتشهد المملكة في السنوات الأخيرة طفرة كبيرة في الفعاليات والبنى التحتية والابتكار مما دفعها إلى تسجيل عشرات الأرقام سنويًا، متقدمة على عدد كبير من الدول، وبفارق كبير عن معظم الدول الخليجية، إن وجود المملكة في الصدارة عربيًا وإقليميًا يعكس تطورها السريع وحجم المشاريع النوعية التي تنفذها، وجذب الاستثمارات والفعاليات الدولية التي تشارك فيها لتصبح الأرقام القياسية جزءًا من القوة الناعمة التي تسهم في رفع جاذبية المملكة عالميًا، كما أن تمكينها للكفاءات والمواهب حقق كثيرًا من الأرقام بجهود الشباب السعودي في مجالات الابتكار والإبداع والفنون والكتابة والأمن السيبراني مما جعل المملكة تُـرسّـخ حضورها في «موسوعة جينيس» للأرقام القياسية بوصفها واحدة من أكثر دول المنطقة حصدًا للألقاب، والأرقام أعلاه ليست مجرد جمع من الشهادات بل تعبير عن روح «رؤية المملكة 2030» الهادفة إلى بناء اقتصاد متنوع، وتحسين جودة الحياة، وتعزيز مكانة المملكة عالميًا من بوابة الابتكار والتميّز. لقد بلغت إيرادات المملكة في النصف الأول من عام 2025 حوالي 550 مليار ريال، حيث شكّل النفط 53.4 % منها مسجلا انخفاضًا عن عام 2019 بمقدار67.97 % ما يبرز تسارع جهود المملكة لتنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط في إطار رؤية 2030 التي جعلت من الذكاء الاصطناعي أولوية وطنية عبر تنفيذ العديد من المشروعات والمبادرات الاستراتيجية في مجالات البيانات، والذكاء الاصطناعي، والتقنيات المتقدمة ومنها إطلاق الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي في نهاية عام 2020. كما أطلق سمو ولي العهد في مايو الماضي شركة “هيومين” كشركة سعودية رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي مملوكة لصندوق الاستثمارات العامة لتتولى من جانبها بناء وإدارة تقنيات الذكاء الاصطناعي بما في ذلك العمل مع شركات عالمية لتطوير الرقائق الإلكترونية والحوسبة السحابية بغية تعزيز مكانة المملكة كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي ودعماً لرؤيتها من جهة، كما تقوم بدور محوري في اقتصاد المستقبل على غرار المكانة الاستراتيجية التي تحتلها شركة “أرامكو” في قطاع الطاقة، بهدف تطوير وإدارة تقنيات الذكاء الاصطناعي والاستثمار فيها. كما أن الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) تضطلع بدور جوهري في تعزيز مكانة المملكة ضمن التصنيفات العالمية في هذا المجال من خلال قيادة واسعة النطاق لجهود الابتكار في مختلف القطاعات من التجزئة والتجارة الإلكترونية إلى التمويل واللوجستيات. وتؤكد الإحصائيات حجم هذا التحول حيث من المتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي بمبلغ 494 مليار ريال في اقتصاد المملكة بحلول عام 2030، أي ما يعادل 12.4 % من الناتج المحلي الإجمالي، ومن المتوقع أن يصل الأثر الاقتصادي الكلي للذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط إلى 1170 مليار ريال بحلول عام 2030، وفي المملكة بلغت قيمة سوق الذكاء الاصطناعي في قطاعي التجزئة والتجارة الإلكترونية 894 مليون ريال في عام 2023، ومن المتوقع أن ينمو بنسبة 35.4 % سنويًا حتى عام 2030، ويشير الخبراء إلى أنه لتحقيق التحول الرقمي الكامل للمملكة لأن تصبح أنموذجًا للدول الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فلا بد لها من تسريع التحول الرقمي عبر تبني الذكاء الاصطناعي لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتحديث قطاع التجزئة ونشر تقنيات الذكاء الاصطناعي من خلال تمكين الشركات المحلية والشراكات الدولية من بناء سلاسل إمداد تكون أكثر ذكاءً وسلاسة ومرونة وشفافية لتسهيل التحولات الرقمية المدفوعة بالذكاء الاصطناعي مما يمكّن الشركات المحلية من تعزيز التنويع الاقتصادي واكتساب ثقة المستهلكين وضمان النمو المستدام أثناء تبني التحوُّل الرقمي من خلال إنشاء نظام تجاري يعمل بالذكاء الاصطناعي يربط بين المصنعين والموزعين وتجار التجزئة على منصة واحدة مشتركة. ويرى جاستن فلويد الرئيس التنفيذي لشركة "ريد كلود" والتي تتخذ من الرياض مقرًّا رئيسيًا لها مع فروع أخرى في مدن رئيسية مثل جدة والدمام أن هذه الشراكة تمثل حافزًا للتحول إذ تجلب بنية تحتية مدعومة بالذكاء الاصطناعي على مستوى عالمي إلى المملكة مما يعزز من ثقة المستهلكين ويضمن النمو المستدام أثناء تبني التحول الرقمي ويُسرّع من وتيرة التحول نحو اقتصاد وطني مدفوع بالذكاء الاصطناعي ويسهم في صياغة حقبة رقمية جديدة تساهم في تحقيق أهداف رؤية 2030 في مجالات الابتكار والتنويع الاقتصادي بعيدًا عن النفط، ويأتي هذا التقدم ثمرة لجهود متواصلة ونتاجًا لخطط تنموية متكاملة أسهمت في تعزيز تنافسية المملكة عالميًا وترسيخ مكانتها كأحد أسرع الدول نموًا في مجال الذكاء الاصطناعي، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية 2030، إن المملكة تدخل مرحلة جديدة من التحول الرقمي المحرك الرئيس لنمو الاقتصاد غير النفطي خلال السنوات القادمة، مما سيسهم في إعادة تشكيل ملامح الاقتصاد الوطني القادم بمشيئة الله. الأستاذ في جامعة الملك سعود