من أهم الشخصيات الوطنية في بلدنا والتي عرفت بالبذل و العطاء يبرز اسم الشيخ الراحل الحاج عبدالله بن سلمان المطرود_ رحمه الله_ مؤسس أول جمعية خيرية في المملكة عامة والمنطقة الشرقية خاصة “جمعية سيهات للخدمات الاجتماعية” حيث جاءت الموافقة على تأسيس الجمعية تحت مسمى ” صندوق البر في بلدة سيهات” في تاريخ ١٣٨٢/١٠/٢٤ هجرية، وتم تسجيلها قبل نشأة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية آنذاك برقم ٦ في تاريخ ١٣٨٦/١١/١٦ هجرية في منتصف السبعينات الهجرية. يقول أستاذنا و زميلنا الجميل الأستاذ منصور الرميح “بالرغم من أن جمعية البر الخيرية في سيهات أسسها الحاج عبدالله المطرود _رحمه الله _وهي أول جمعية خيرية في المملكة إلا أن الرقم ٦ لايعني تاريخ التوثيق بل الجميع يعرف أنه بعد تأسيس وزارة العمل في العام ١٣٨٠ هجرية وتحديداً في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز رحمه الله أدرجت الجمعية في سجلات الوزارة في العام ٨٢ م”. وتعود فكرة إنشاء الجمعية للشيخ الراحل والذي قاده شعوره الوطني؛ وإحساسه بظروف المحتاجين والفقراء و المعوزين والأرامل والعجزة إلى تأسيس الجمعية بهدف مساعدة تلك الفئات المحتاجة طمعاً في الأجر والثواب حيث ساهم الراحل بإشراف مباشر من شخصه النبيل في العام ١٣٨٥ هجرية على تأسيس أول بيت إيواء للعجزة و المعوزين ومن لا عائل لهم وذلك في بيت مستأجر في البلدة ” سيهات” بهدف خدمة تلك الشريحة من أبناء الوطن التي تحتاج إلى وقفة إنسانية تكفل بها رجل البذل والإحسان و الخير والعطاء. ويعرف الراحل _ رحمه الله _ بأنه كان مدرسة نادرة جداً في الإنسانية والإيثار ومحبة الناس وخدمة المجتمع والمحتاجين ومتابعة أمورهم الدنيوية. بل إنه كان يحرص بنفسه على تلمس احتياجات صاحب كل حاجة بنقاء سريرة و ود وكان قريباً من الجميع كباراً و صغاراً و مثالاً للمواطن العطوف الحنون على جميع من حوله عرفه أو لم يعرفه شخصياً!! وعرف الراحل بدعمه الكبير لأعمال جمعية البر الخيرية في المنطقة الشرقية؛ و جمعية أصدقاء المرضى؛ و الجمعيات الخيرية على مستوى المملكة ؛ كما تميز عن أقرانه بحسن الخلق وابتسامته المشرقة وطيب المعشر والتواضع الجم وسعيه الدؤوب على تقديم أعمال البر والمساهمات الإنسانية والخيرية في السر والعلن!! ولد الراحل في أسرة فقيرة في الأربعينات من القرن الماضي في العام ١٣٤٣ هجرية وعاش في منزل متواضع وسط أسرة فقيرة ولكن ساهم من خلال فكره الاقتصادي مع أخيه الحاج إبراهيم في تكوين رأس مال بسيط انطلق من خلاله لممارسة التجارة كونه أسس أول مغسلة أوتوماتيكية في دول الخليج عامة والمملكة خاصة وساهم في تأسيس أول مصنع لإنتاج الألبان والعصائر و الآيس كريم بطريقة عصرية وأسس أول مخبز لإنتاج الخبز و الكورن فليكس والشطائر على مستوى المملكة في العام ١٣٩٦ هجرية؛ و أسس أول مزرعة للأبقار تنتج الحليب الطازج وتسويقه بأحدث الطرق الصحية. وعرف الراحل بالبحث عن مصادر الرزق في أكثر من مهنة حيث تعددت مواهبه العملية ؛ كما عمل عاملاً بسيطا بأحد المغاسل في مدينة ” الظهران” قبل العام ١٩٤٧ م وبراتب شهري خمس ريالات أجراً على الغسيل و التنظيف و الكي باليد؛ وعمل في بداياته الأولى بالتجارة في تأسيس مغسلة صغيرة كان يديرها بنفسه ويقدم خدماته إلى شركة أرامكو وبعض المستشفيات و المطاعم وفي العام ١٩٥٩ م أسس أول مغسلة حديثة ” المغسلة الوطنية” بطاقة ١٠ آلاف رطل؛ ويعد الراحل أول من من استورد الأبقار للمملكة وكان يعمل بنفسه في جميع المصانع التي أسسها. كما عرف الراحل_ رحمه الله بمبادراته الدائمة في أي عمل خيري؛ حيث تبرع في فترة ماقبل دخول الكهرباء للوطن في إنارة البلدة بالفوانيس؛ وساهم بعلاقاته الاجتماعية في استخراج العديد من رخص بناء المساجد و الأندية الرياضية والجمعيات الخيرية ودعمها مادياً ومعنوياً ؛ وساهم رحمه الله في بناء بعض المساجد وساهم بوجاهته في حل العديد من النزاعات المادية والأسرية و إقناع أصحاب الحقوق الخاصة بالتنازل طلباً للأجر والثواب من الله تعالى لمكانته المعروفة. وساهم رحمه الله في العام ١٤١٢ هجرية في تأسيس أول مركز نسائي متكامل يقدم خدمات تدريب وتأهيل الكوادر الوطنية النسائية في الخياطة والتفصيل والتطريز والحاسب الآلي واللغة الإنجليزية وتعليم فنون الإدارة والأعمال المكتبية. ومن أكبر المشاريع الخيرية التي قدمها الراحل شراؤه أرض سكنية تقدر مساحتها بمليون ونصف متر وقام ببيع جزء منها لإتمام مشروع خيري عليها في العام ٢٠٠٣ م بتكلفة إجمالية تقدر ٣٤٨ مليون ريال استفاد من مشروعها الخيري الاجتماعي و السكني أكثر من ١٣٠٠ أسرة؛ وعرف عن الراحل حسن إدارته للوقت وصلة الرحم ومكارم الاخلاق وزيارة الفقراء وكان لا يعترف بالإجازة الأسبوعية أو السنوية واللهو فهو لم يسافر إلا للعمل أو العلاج!! ونال رحمه الله العديد من الجوائز التقديرية والأوسمة التكريمية من أهمها جائزة الاستحقاق من الدرجة الأولى من مقام الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله نظير أعماله الإنسانية والخيرية، وكان رحيله إلى ربه في يوم الجمعة ٢٢ يوليو ٢٠٠٥ م، حيث عم الحزن أرجاء مدينة سيهات ومحافظة القطيف والمنطقة الشرقية وكان رحيله خسارة كبيرة و فاجعة لكل أبناء الوطن؛ لما تركه من محبة وإيثار وأعمال إنسانية خالدة رغم مرور السنين!!