ما زلت أتذكر تحرك وتفاعل الرأي العام المحلي عام 1430هـ/ 2009م بعد حدوث الهزات والحركات الزلزالية في حرة الشاقة، الواقعة إلى الشمال الغربي من المدينة المنورة، ضمن أراضي منطقتي المدينة المنورة وتبوك، بين مدينتي: أملج من الغرب، والعيص من الشرق. يبلغ طولها نحو 65 كيلومتراً، وأقصى عرض لها نحو 55كم، ومساحتها نحو 1700كم مربع، وعمرها الجيولوجي: 0.8 - 6.2 مليون سنة، حيث أخليت بعض مراكز وقرى حرة الشاق قرب محافظة العيص من سكانها، ثم أعيدوا بعد هدوء المنطقة واستقرارها، فإذا كانت الهزات قد أثارت المخاوف، فإن مخاوف أخرى تتعرض لها بعض الحقول البركانية على المرتفعات الغربية وهي: - إهمال الحرات وعدم المحافظة عليها من التدمير عند إنشاء المشاريع والطرق في الحرات أو بقربها تهدد باختفائها وزوالها. - ضرورة الالتزام بمواصفات الإنشاءات والبناء المقاوم للهزات الأرضية. - المحافظة على الحرات، لأنها تمثّل قيمة علمية واستثمارية اقتصادية وسياحية وتشكل المستقبل للأجيال. - حرات المملكة نواة لحدائق جيولوجية، ومتحف جيولوجي طبيعي مفتوح. - تعد الحرات أحد أقاليم المملكة الستة الرئيسة، وهي أقاليم: الدرع العربي، الرف العربي، الحرات، البحر الأحمر، الكثبان الرملية، السبخات. تبرز المعلومات الإحصائية للحرات مدى أهميتها استثمارياً وسياحياً، حيث تبلغ مساحتها 90 ألف كم مربع، نحو 4.6 % من مساحة المملكة، ومصدر للحياة البيئة داخل البحر الأحمر، ومناظر رائعة تحتاج منا إلى المحافظة عليها وتوظيفها في برامج السياحة، لأن الخطر يتهددها، بإقامة مخططات سكنية عليها، وإصدار المسوحات للشركات باستغلال صخورها في عملية البناء والتعمير، وشق الطرق وسط الحرات رغبة في اختصار المسافات. هذا المخزون للحقول البركانية والذي يعود ويتزامن مع انفتاح صدع البحر الأحمر قبل نحو 30 مليون سنة، شكل لنا بيئة طبيعية للتوطين استفاد منه الإنسان طول فتراته سجله الحضاري من ما قبل التاريخ وحتى الزمن الحاضر، حيث احتمت به القبائل من هجمات الغزاة الذين يأتون عبر طريق البحر الأحمر والسهول التهامية، كون الحرات أفضل الأماكن للحماية والعيش داخلها لوفرة العيون والآبار والأودية والمراعي والمزارع، كما أنها تعد الموطن الحقيقي لبعض القبائل العربية في الحرب والسلم، كما أن المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة تغطي الحرات نسبة كبيرة من المساحة فيهما منها المسافة بين مكة والمدينة البالغة 4000 كم.