من دولة متهمة بتعطيل المصالحة الفلسطينية، تحولت إيران بين عشية وضحاها إلى دولة جارة وشقيقة، حيث أرسل الرئيس الفلسطيني محمود عباس وفدا إلى طهران لترتيب زيارة قال إنها ستتم دون أن يحدد موعدها، نافيا بذلك أنباء تحدثت عن اعتذار إيران عن استقباله. وجاء فتح خطوط العلاقة مع إيران بعد أسابيع قليلة من إعادة افتتاح مكاتب لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) -التي يرأسها عباس- في دمشق، وبعد أيام من زيارة وصفت بالناجحة قام بها إلى السعودية وفد من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي طالما اتهمت بنزع الدور الإقليمي من الأقطار العربية ووضعه في يد إيران. ورغم تأكيد القيادة الفلسطينية على تحسن العلاقة مع إيران، لا يرى محللان تحدثا للجزيرة نت أن القيادة الفلسطينية ستذهب بعيدا في هذه العلاقة، لعدة عوامل. وكان عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني، ترأس الوفد الفلسطيني إلى إيران، ونفى للجزيرة نت أنباء ترددت عن رفض إيران استقبال عباس. مؤكدا أن العلاقات مع إيران "مستمرة وتتطور، وأنه تم الاتفاق على موعد أولي لزيارة الرئيس خلال أكتوبر/تشرين الأول القادم". لا يستبعد شراب أن تلعب السلطة مستقبلا دورا بين إيران ودول محيطة(الجزيرة) مكونات إقليمية ووفقا لأستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة ناجي شراب، فإن القضية الفلسطينية تحكمها مكونات إقليمية ودولية وتحولات على المستوى الإقليمي، موضحا أن صانع القرار الفلسطيني لا يمكن له أن يتجاهل هذه التحولات. وأضاف أن لإيران علاقات تاريخية مع فلسطين، وأنه ينتظرها دور أكبر لا يمكن تجاهله بعد الاتفاق النووي مع القوى الغربية، إضافة إلى دورها المباشر من خلال علاقاتها بحركتي الجهاد الإسلامي وحماس وسوريا ولبنان "وهي عوامل يأخذها صانع القرار الفلسطيني في اعتباره". ومع ذلك قال الأكاديمي الفلسطيني إن المعضلة تبقى في كيفية التوفيق بين هذا التوجه وعلاقة منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بالدول العربية، لكنه يبدو واثقا من "توازن العلاقات، ولعب دور يمكن أن يساهم في حل ملفات كبيرة". وهنا لا يستبعد شراب أن تلعب السلطة مستقبلا دورا بين إيران وبعض الدول المحيطة، مما يعطي طهران وزنا ودورا أكبر في صناعة القرار الإقليمي. لكنه مع ذلك يرى أن العلاقات معها ستكون بديلا للعلاقات مع السعودية والدول العربية والخليجية، خاصة أن لبعضها علاقات مع إيران. ويستبعد المحلل السياسي أن يكون الرئيس الفلسطيني أراد بزيارة إيران الرد على استقبال السعودية لقادة حماس، موضحا أن "صانع القرار تحكمه اعتبارات ومحددات". العمايرة: زيارةعباس لإيران ستعرض علاقته بالسعودية للخطر (الجزيرة) فشل محتوم وخلافا لشراب، يجزم المحلل السياسي ومدير مركز القدس للإعلام خالد العمايرة بأن التوجه إلى إيران جاء على خلفية زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل "الموفقة" للسعودية، وما رآه عباس من بوادر قيام نوع من التحالف الإقليمي بين الرياض وحماس وتركياوقطر وربما جهات أخرى، بحسب قوله. ويضيف أن "السلطة لم تكن تتوقع من السعودية استقبال قيادة حماس، وعليه بدأت تتصرف بالورقة الإيرانية"، موضحا أن التقارب سيظل محدودا "نكاية بحماس والسعودية" ولن يكون إستراتيجيا، والسبب أنه "ليس عند إيران ما تقدمه للسلطة، وليس بيدي السلطة ما تقدمه لإيران". وشدد العمايرة على أن خطوة عباس محفوفة بالمخاطر، إذ لا يمكن للمنظمة إقامة علاقات وثيقة بإيران دون تعريض علاقتها بالسعودية للخطر الشديد. وعن مدى هذه العلاقة، قال إنها علاقة محفوفة بالمخاطر و"مصيرها الفشل"، معللا ذلك بكون السعودية تعتبر "الركن الأساس للسنة في الشرق الأوسط"، في حين "تسعى إيران لاستغلال القضية لنشر النفوذ الشيعي في المنطقة". كما شدد على أن السلطة لا تستطيع الذهاب إلى شوط بعيد في علاقتها مع إيران دون مباركة إسرائيل والولايات المتحدة لهذه العلاقة، في حين أن وقوع السلطة تحت الاحتلال سيجعل من علاقةٍ قويةٍ مع إيران مصدر إحراج للنظام الإيراني. ولا يستبعد المحلل الفلسطيني أن يقود تحسين علاقة السلطة مع إيران إلى تحالف بين السلطة وحركة الجهاد على حساب حركة حماس، وهو تحالف يراه أيضا محفوفا بالخطر.