شهد العام 2018 العديد من الظواهر الجديدة والتقلبات التي ضربت كثيراً من المجالات الاقتصادية، وخاصة التكنولوجيا. فمن العملات الرقمية وانهيارها، إلى القانون الأوروبي لحماية البيانات (GDPR)، صعدت مجالات وتهاوت أخرى. وفي قطاع جديد من التكنولوجيا المالية «فنتك»، فإن كل عام هو نقطة تحوّل كبيرة بالنسبة لها. خلال العام الماضي وقبل فترة الأعياد بأسابيع قليلة، كان الناس ينصحون بعضهم بعضاً بشراء العملة الرقمية المشفرة «بتكوين» التي تحوز الحصة الكبرى عالمياً حتى الآن في تقنية «البلوك تشين»، حيث كان يتم تداولها عند 14 ألف دولار في أواخر ديسمبر الماضي. أما الآن فقد هوت إلى ما دون 3500 دولار، ولكن المستثمرين والمراقبين الذين ضخوا أموالهم في العملة الرقمية، ليسوا هم من يتحملون المسؤولية وحدهم عن هذا الانهيار الكبير. وكانت العديد من الشركات الناشئة تعمل على إجراء طرح أولي عام للعملات الرقمية برزت منها «البتكوين»، ولكنها تخلت عن الفكرة تماماً، بعدما بدأت العملات الرقمية في الانهيار بشكل أسرع مما تخيّل البعض، ولكن البعض استمر في تنفيذ تلك الخطط. وبلغت قيمة الاكتتابات الأولية العامة في الفترة ما بين ديسمبر الماضي والآن، أقل من 1.9 مليار دولار، مقارنة ب 4.5 مليار دولار في الأشهر ال 4 الأخيرة من العام 2017. وتضررت بانهيار العملات الرقمية، السمعة الإيجابية التي ارتبطت بتقنية «البلوك تشين»، على الرغم من أنها مجرد حاضنة تعمل فيها تلك العملات، ولا يمكن ربط ذلك الهبوط الشديد بها. عام «البلوك تشين» بعيداً عن العملات الرقمية، كان العام 2018 جوهرياً بالنسبة لتقنية «البلوك تشين» واستخداماتها المالية الأخرى في قطاع الصيرفة، حيث تشكلت «شبكة معلومات البنوك» بين أكثر من 130 مصرفاً من جميع أنحاء العالم، بهدف الاعتماد على التكنولوجيا الجديدة في تسهيل عمليات الدفع العابرة للحدود. الذكاء الاصطناعي وانتشر كثير من الدراسات والتكهنات التي تشير إلى أن الذكاء الاصطناعي بإمكانه أداء جميع المهام التي يؤديها البشر حالياً، ما عدا الفنون الابتكارية. وبالنسبة لمن يعملون في مجال الخدمات المالية، فإن العام 2018، كان العام الذي عرفوا فيه ما يمكن وما لا يمكن للذكاء الاصطناعي فعله على المدى القصير، ولكن أبرز ما يثير المخاوف هو احتمالية فقدان ملايين الموظفين والعمال، وظائفهم لصالح الروبوتات. وتحمس أصحاب الشركات والمستثمرون لهذه الفكرة، بالنظر إلى أشهر الدراسات العالمية التي تشير إلى حلول الروبوتات مكان أكثر من 10 ملايين موظف خلال السنوات العشر المقبلة، ما سيوفر عليهم مليارات سنوية كانوا يدفعونها كرواتب ومخصصات وغيرها. عام البيانات حصلت البنوك وشركات إدارة الأصول والتأمين على كميات هائلة من البيانات خلال السنوات الماضية، ووصلت ذروتها خلال 2018 بعد أن ازدادت مطالب الجهات التنظيمية في ما يتعلق بمعلومات عملاء تلك الجهات، والنطاق الذي يستخدمون فيه تلك المعلومات الخاصة. وعلى الرغم من وجود العديد من التقنيات التي تساعد في الحصول على تلك البيانات وتخصيصها، فإن هنالك حاجة للمزيد منها. وكان 2018 عام البيانات بلا منازع؛ إذ على الرغم من ظهور قانون البيانات الأوروبي ضمن نطاق اختصاص دول القارة الأوروبية فقط، فإن تأثيراته تخطت الحدود، فأصبحت الشركات التي تتحكم في أحجام كبيرة من البيانات، مضطرة إلى التعامل مع القانون حتى في الدول الأخرى. الأعداء أصدقاء وشهد العام 2018 أحد أكثر الظواهر التجارية غرابة، فقد رحبت البنوك العالمية الكبرى بنشوء شركات التكنولوجيا المالية «فنتك»، وضمتها إلى أنظمة العمل الخاصة بها، في توجه مخالف لما كان عليه الحال قبل سنوات، وانتهت وفقاً لمراقبين سنين التنافس المحموم بين المجالين.