قبل 501 للميلاد، كانت العرب تفد إلى سوق عكاظ الذي يعد أكبر سوق في العصر الجاهلي والإسلامي؛ لما له من دورٍ اقتصادي، وحضاري وثقافي، ويُعدُّ مقصدًا رئيسيًا للتجار والشعراء؛ حيثُ يتسابقون بالمفردات وينتصرون بالكلمات. وكان للهجن النصيب الأكبر في مساجلاتهم الشعرية، وإلهامهم، وحلهم وترحالهم، فوصفها طرفة بن العبد بقوله: وَإِنّي لَأَمضي الهَمَّ عِندَ اِحتِضارِه بِعَوجاءَ مِرقالٍ تَروحُ وَتَغتَدي وكأن الأيام تُعاد، ولكن بحلة مختلفة، تَجمُّع من مختلف دول العالم في مكانٍ واحد، تبادل تجاري وأدبي، ثورة اقتصادية وفكرية، وتناقل حضارات. أحداثٌ تحتضنها محافظة الطائف مُنذ الأزل بدءًا من سوق عكاظ، إلى مهرجان ولي العهد للهجن؛ حيث تعتبر الطائف المقيض الرئيس لأهل الهجن بسبب مناسبة أجواء الطائف للهجن في موسم الصيف كونه ميداناً تاريخياً. والجدير بالذكر أن الطائف هي أول محافظة سعودية يقام بها سباقٌ للهجن منذ تأسيس الاتحاد السعودي للهجن، وهو مهرجان ولي العهد للهجن عام 2018، فهنيئًا لزهرة الحجاز بهذا التميز. ويعد مهرجان ولي العهد للهجن أكبر تجمع تجاري لأهل الهجن؛ إذ تتجاوز الصفقات التي تتم فيه ملايين الريالات، ويعد الاستثمار في الهجن من أسرع الاستثمارات من حيث المردود المادي، وارتفاع قيمة المطية التي تحقق الإنجازات؛ مما يدفع المُلاك إلى المشاركة في السباقات، أو الحضور لمشاهدة النوعيات النادرة والاستفادة منها في السباقات أو الإنتاج. وهذا التبادل التجاري يعود بالنفع على المهرجان من حيث ارتفاع القيمة السوقية له؛ إذ بلغت العام الماضي أكثر من ثلاثة مليارات ريال سعودي كما أعلنت اللجنة المنظمة للمهرجان في نسخته الخامسة؛ مما مكن المهرجان من الحصول على جائزة مكة للتميز في دورتها الخامسة عشر 2023 في فرع التميز الاقتصادي. ما بين الماضي والحاضر أحداثٌ متسارعة، وتطورٌ متصاعد، لرياضة سباقات الهجن؛ فقد شهد مهرجان سمو سيدي ولي العهد للهجن، الكثير من التطورات التي تتزايد بشكل ملحوظ من خلال: الجوائز، وعدد الأشواط، وعدد المطايا، هذا التطور الذي يحكي قصة جهود وسعي دؤوب من الاتحاد السعودي للهجن، في تأصيل هذه الرياضة أكثر في نفوس الأجيال القادمة؛ فالإرث الذي يصونه الأساس تنميه الفروع.