×

حضور باهت لبايدن في «آبيك» وقمة أخيرة متوترة مع شي

صورة الخبر

بعد يوم من تحذيرهما من حقبة «اضطراب» وحروب تجارية تلوح في الأفق في ظلّ عودة الملياردير الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، اجتمع الرئيس الأميركي جو بايدن بنظيره الصيني شي جينبينغ للمرّة الأخيرة أمس في البيرو، قبل أن يتوجّها إلى البرازيل للمشاركة في قمّة مجموعة العشرين، التي قرر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، عدم حضورها. وقصد الرئيس الأميركي، الذي أقر بأن عهداً جديداً سيبدأ مع عودة ترامب الوشيكة للسلطة، مقر إقامة شي بالفندق الذي يقيم فيه منذ الخميس في عاصمة البيرو الدولة المضيفة لقمّة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (آبيك)، الذي يضمّ 21 بلدا تمثّل معاً 60 في المئة من إجمالي الناتج المحلي العالمي. وقضى اللقاء الثالث والأخير بين بايدن وشي الغرض منه البناء على منجزات الاجتماع التاريخي الذي سمح بتهدئة التوتّرات قبل سنة في قمّة «آبيك» عينها التي أقيمت في سان فرانسيسكو. وخلال السنوات الأخيرة، تدهورت العلاقات الأميركية- الصيينة بسبب خلافات حول التبادلات التجارية ووضع تايوان وحقوق الإنسان والمنافسة في مجال التكنولوجيا. لكن الجهود المبذولة سمحت بالإبقاء على الحوار الثنائي قدر المستطاع. وشدّد المستشار الأميركي للأمن القومي جايك ساليفان على «لقاء الزعيمين ليس مجرّد لقاء وداعي»، مشيراً إلى «أهميّته لإدارة العلاقة في هذه الفترة الانتقالية الحسّاسة»، وتطرّقه أيضا إلى «التوتّرات في بحر الصين الجنوبي وإبقاء قنوات التواصل مفتوحة». لكن لا شكّ في أن ظلال ترامب، الذي عيّن في فريقه مسؤولين يتّبعون نهجا متشدّداً إزاء بكين خيّمت على هذا الاجتماع. فخلال الحملة الانتخابية، هدّد الرئيس الجمهوري المنتخب بفرض تعريفات جمركية بنسبة تتراوح بين 10 و20 في المئة على كلّ المنتجات المستوردة وتصل إلى 60 في المئة على واردات السلع الصينية، متعهداً بحماية الصناعة الأميركية. وقام ترامب خلال ولايته الأولى (2017-2021) بزعزعة العلاقات التجارية الثنائية على نطاق واسع مع شنّ حرب تجارية لدفع بكين إلى شراء منتجات أميركية وتقويم الميزان التجاري. وحذّر شي في افتتاح قمّة «آبيك» أمس الأول من «انتشار الأحادية والحمائية وتزايد تجزئة الاقتصاد العالمي»، مشيراً إلى أن العالم «دخل مرحلة جديدة من الاضطراب والتحوّل». وهي مخاوف أعرب عنها أيضاً بايدن، الذي سعى من جهته إلى طمأنة حلفائه في منطقة المحيط الهادئ، قائلاً، خلال لقاء مع زعيمي اليابان وكوريا الجنوبية، «وصلنا الآن إلى لحظة تغيير سياسي كبير»، مع العلم أن تحالف البلدان الثلاثة «قائم ليبقى». وخلال آخر إطلالاته العالمية، سعى بايدن للاستفادة من حضوره منتدى آبيك لتعزيز العلاقات مع حلفائه الرئيسيين في منطقة آسيا قبل احتمال تقويضها خلال الولاية الثانية لترامب. ولم يتجنب بايدن انتقاد ترامب، بعد اجتماعاته الأخيرة مع العديد من نظرائه الذين يترقبون عودته. وأثناء لقائه رئيس الوزراء الياباني شيجيرو إيشيبا والرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول في البيرو، قال بايدن الذي بدا عليه التأثر «لقد وصلنا إلى لحظة تغيير سياسي مهمة، وعلى الأرجح اجتماعي الثلاثي الأخير في هذه المجموعة المهمة، لكنني اعتز بمساهمتي في تأسيس هذه الشراكة». وشدد بايدن على أن نهجه المتعدد الأطراف سيصمد أمام ترامب، قائلاً «أعتقد أنه وجد ليدوم، وهذا ما آمله وما أتوقعه». ووسط توقعات بحدوث توترات جديدة وحروب تجارية، طغى طيف ترامب الذي سيتولى مهامه في 20 يناير على آخر جولة خارجية لبايدن، كما جذب حضور الرئيس الصيني الأضواء، إذ استقبلته البيرو بفرش السجادة الحمراء وافتتاح أول ميناء ضخم في أميركا الجنوبية بتمويل من الصين. وفي حين اتسم استقبال بايدن الخميس بالتكتم مع صفين من عدد ضئيل من الجنود في المطار، التقته الرئيسة دينا بولوارتي شي في القصر الحكومي في ليما، وعزفت فرقة نحاسية باللباس الاحتفالي الأزرق والأحمر والقبعات المزدانة بالريش لدى وصوله. واضطر بايدن أمس الأول إلى انتظار وصول القادة الآخرين لبدء القمة، بحسب مسؤولين أميركيين. ثم دخل قاعة الاجتماعات، وصافح زعيمي تايلند وفيتنام قبل أن يجلس بينهما. وانضم إليه بعد ذلك رئيس وزراء كندا جاستن ترودو ونظيره الاسترالي أنتوني ألبانيزي لالتقاط صورة. ومع أفول نجمه السياسي، قال بايدن مازحاً إنه حتى زوجته جيل مستعدة للتخلص منه. وخلال لقاء مع رئيس البيرو، أشار بأصابعه إلى مدير وكالة الفضاء «ناسا» الذي كان يقف إلى جانبه قائلاً: «في كل مرة تعتقد زوجتي أنني خرجت عن نطاق السيطرة، تقول لي: سأتصل به ليرسلك إلى الفضاء». وقبل أن يتوجّه مع شي من ليما إلى في ريو دي جانيرو للمشاركة في قمّة العشرين، سيتوقّف بايدن في الأمازون خلال محطّة في مانواس في قلب الغابة المدارية الشاسعة للتأكيد على التزامه «مكافحة التغيّر المناخي»، في موقف يختلف تماماً عن ذاك الذي يعتمده ترامب الذي انسحب من اتفاق باريس المناخي خلال ولايته الأولى، ولم يخف عزمه القيام بالمثل في ولايته المقبلة.