انطلق مشروع مترو الرياض المُصنف ضمن المشروعات العالمية الكبرى، من حيث الكلفة المالية التي بلغت 22.5 مليار دولار. مشروع طموح طال انتظاره، سيسهم في تغيير وجه العاصمة، وثقافة النقل، وسيعالج أزمة السير الخانقة، وصعوبة التحرك داخل المدينة. التعامل مع المشروعات الضخمة الواقعة ضمن محيط المدن المكتظة بالسكان، لا يخلو من التعقيد والمعوقات، وهو أمر قد يزيد من زمن التنفيذ، إلا أن التزام الجهات المسؤولة بإنجاز المشروع العام 2018 سيحد من المخاوف المرتبطة ببطء التنفيذ. يمكن لإدارة المشروع الكفؤة أن تلتزم بمراحل الإنجاز وزمن التسليم، إذا ما ارتبطت بجهات مسؤولة تضع نصب أعينها أهمية الوقت والجودة ومعايير التنفيذ. متابعة الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز، أمير منطقة الرياض للمشروع وزياراته الميدانية، ووقوفه على مراحل التنفيذ تكشف عن نوعية الإدارة الحكومية لمشروع المترو. كفاءة التنمية تحتاج دائماً إلى فرق عمل متجانسة، وإدارات حكومية تتحرك في اتجاهات متناسقة، بعلاقات تكاملية لا تسمح بالتصادم. يُعزى النجاح المحقق في بعض المشروعات التنموية الحكومية إلى استقلالية العمل وشمولية التنفيذ. الاستقلالية والشمولية في تنفيذ الحي الدبلوماسي، قادا لتحقيق الجودة والكفاءة . الأمر نفسه ينطبق على مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين، النموذج التنموي الرائد في المملكة. أحسب أن الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض تتحرك وفق الفكر الإداري الشامل، ما يجعلنا أكثر تفاؤلا بمستقبل المدينة، مع وجود أميرها المؤمن بأهمية التكامل بين الإدارات الحكومية لتحقيق الأهداف التنموية. النظام المركزي المتحكم في التنمية قد لا يساعد كثيرا في تحقيق الأهداف والتطلعات. تتسبب الإدارة المركزية، وبيروقراطيتها، في تقليص المخرجات، والإبطاء من حركة الإنجازات. وهذا أمر متوقع، فالوزارة الخدمية لا تستطيع أن تدير مشروعاتها بكفاءة وهي تشرف على 13 منطقة مترامية الأطرف، في الوقت الذي لا تجد فيه إمارات المناطق قدرة على إدارة التنمية وفق رؤيتها الخاصة، وأولوياتها، وهي تفتقد الصلاحيات الكافية، والميزانيات المستقلة. أعتقد أن نظام المناطق الحالي لا يساعد كثيراً على تعزيز التنمية بمنظورها الحديث. الإدارة المحلية للمناطق في حاجة إلى تطوير يساعدها على إدارة مشروعاتها التنموية، خاصة مع وجود مجالس المناطق التي يفترض أن تلعب دوراً أكبر في التنمية. تعزيز الإدارة المحلية، وتوفير كامل الصلاحيات والميزانيات هو السبيل الأمثل لتحقيق أهداف التنمية وتطلعات ولي الأمر. عوداً على بدء، فمشروع المترو ربما قاد قطار تنمية الرياض، وبخاصة مشروعات البنى التحتية، ومنها شبكات الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار والسيول، إضافة إلى التوسع في التنمية السياحية بمشاركة القطاع الخاص. كم أتمنى استنساخ مدينة الملك عبدالله المالية في الجانب السياحي. إنشاء مدينة سياحية متكاملة الخدمات الإيوائية، الترفيهية، التسوق، والمعارض من الأهداف التنموية التي آمل أن يتبناها أمير الرياض. الشراكة مع الإعلام من أساسيات العمل القيادي المنفتح. زيارات الأمير تركي بن عبدالله للمراكز الإعلامية، وإستوديوهات القنوات التلفزيونية المنخرطة في تغطية دورة «كأس الخليج»، واحترافيته في إيصال رسائل مهمة بعيدا عن البروتكولات المقيدة، والخطاب الإعلامي الرسمي، أحدثت أثرا إيجابيا بالغا في المتلقى المحلي والخليجي. قطار التنمية يجب أن يمضي سريعا إلى وجهته الرئيسة، بعد أن يسهم في تطوير كل متر في مدينة الرياض، وأن يعالج جميع المشكلات القائمة، وهو أمر يمكن تحقيقه بوجود القيادة الشابة، وتظافر الجهود، وتحقيق الشراكة، وتعزيز الإدارة المحلية للمنطقة.