تنطلق قناة العرب خلال الأسابيع القادمة في وقت يشهد فيه الفضاء التلفزيوني الإخباري تغيرات عديدة نتيجة تبدل في الأجواء السياسية من جهة، ونتيجة لإعادة هيكلة قنوات متنافسة من جهة أخرى. يقول البعض إن توقيت انطلاق القناة والذي من المتوقع أن يكون قبل نهاية هذا العام يأتي مواتيا لعدة اعتبارات أهمها أنها تأتي بعد استقالة عبدالرحمن الراشد من إدارة قناة العربية، وهي القناة المهيمنة على القنوات الإخبارية الموجهة للسعودية بشكل خاص، إضافة للمصالحة الخليجية، والتي من المؤكد أنها ستؤثر إيجابا في خفض حدة اللغة الإعلامية التي تنتهجها قناة الجزيرة حيال دول الخليج، وهو ما يعني أن هناك إعادة رسم للخارطة الإعلامية للقنوات الإخبارية من حيث الخطاب والتوجه والقدرة على المنافسة في أجواء من تبدل الأسماء والاتجاهات. قناة العرب والتي تصف نفسها قناة سعودية خاصة، تغطي الخبر السياسي الإقليمي والعالمي دون تسييس، عبر تزويد المشاهد بالأخبار الدقيقة المحايدة المعتمدة على التحري والتحليل العميق؛ تقع في تقديري في خطأ قد يلاحظه البعض وقد يتجاوزه البعض الآخر، فالقول بأن القناة ستعمل على تغطية الخبر السياسي بالحياد عبر التحليل العميق، يحوي في مكوناته الثلاثة ذاتها تناقضا فيما بينها ويطرح منذ البداية أكثر من سؤال. فكيف يحدث الحياد والخبر الذي ينقل قد تم تحليله تحليلا عميقا، أليس التحليل يبنى وفق منطلقات تعتمد على رأي المحلل أو الخبير؟ فكيف يمكن أن يكون هناك حياد في ذات الوقت الذي يبنى فيه الخبر انطلاقا من رأي شخص، أليس ذلك هو التسييس الذي وصفت القناة نفسها بأنها ستعمل من دونه! جمال خاشقجي وهو أحد عرابي الإعلام السعودي مع عبدالرحمن الراشد يأتي للواجهة كمدير لقناة العرب والمسؤول التخطيطي لها، ولمن يتابع الشأن الإعلامي السعودي يعلم جيدا أن أي قناة تلفزيونية هي انعكاس لمديرها، وهو ما يجعلني أقتنع أن قناة العرب ستكون انعكاسا لجمال خاشقجي في حربه الضروس على الإخوان والإسلام السياسي تماما كما كان عبدالرحمن الراشد رائدا في تقديم الفكر الليبرالي كخيار فكري واجتماعي للمجتمع العربي، وعليه فإن الساحة الإعلامية مع دخول جمال مناكف الإخوان وخروج عبدالرحمن داعم الليبرالية ودخول عادل الطريفي بدلا عنه وهو المهتم بالشأن الإيراني، لهي مؤشر واضح إلى أن الأولويات في السياسة الإعلامية السعودية أصبحت الآن خارجية وذات صبغة أكثر تخصصا وربما حدية.