×
محافظة المنطقة الشرقية

جامعة سلمان بن عبدالعزيز تحتفل باليوم العالمي للأشعة

صورة الخبر

وَالبَيتُ لا يُبتَنى إِلّا لَهُ عَمَدٌ وَلا عِمادَ إِذا لَم تُرسَ أَوتادُ فَإِن تَجَمَّعَ أَوتادٌ وَأَعمِدَةٌ وَساكِنٌ بَلَغوا الأَمرَ الَّذي كادوا لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ لَهُم وَلا سَراةَ إِذا جُهّالُهُم سادوا تُلفى الأُمورُ بِأَهلِ الرُشدِ ما صَلَحَت فَإِن تَوَلَّوا فَبِالأَشرارِ تَنقادُ (الأفوه الأ ودي) عرج في الجزء الأول من المقال على نتائج بعض الدراسات الاستطلاعية حول الممارسات القيادية في العالم. وخُلص إلى بعض الدروس المستقاة في تنمية القيادات في المنظمات. وفي هذا الجزء، سيتطرق إلى دور الفشل في القيادة والممارسات المتبعة في اختيار القادة. استمر الجدل لقرون حول ما إذا كان القادة العظام ولدوا ليكونوا عظماء. يقول مؤسس ومدير مشروع وارتون لتكامل العمل والحياة، ستيوارت فريدمان، إن لديه إجابة محددة. ففي أحدث كتاب له، بعنوان " قيادة الحياة التي تريد"، يكشف فريدمان المهارات التي تحتاج إليها لتكون قائدا، وكيفية تطويرها، وكيفية تكريس حياتك لعملك دون أن تفقد كل ما هو مهم بالنسبة لك. وقد أدت أبحاثه أن يستنتج، أن الناس لا يولدون ليكونوا قادة عظماء. يقول فريدمان في مقابلة تخص كلية وارتون لإدارة الأعمال: "واحدة من الأساطير التي أحاول أن أفندها .. هو أنك ولدت مع هذه القدرة لتكون عظيما. هذا ليس صحيحا. إنها مسألة مهارة. وهناك الكثير من الحظ. ولكن هناك أيضا المثابرة والانضباط، وحب العمل، والشجاعة لمتابعة ما هو أكثر أهمية بالنسبة لك، وللناس من حولك. "ويضيف فريدمان بأنه عندما يتعلق الأمر بأن تقود الحياة التي تريد، يجب أولا اكتشاف ما هو فريد فيك. وتحتاج إلى أن تستغل أهواءك ومصالحك، ومهاراتك وتجعلها ذات قيمة للآخرين. وقد خلص فريدمان إلى أن القادة المتميزين يمتلكون ما يسميه المبادئ الثلاثة للقيادة الكلية: (1) أن تكون حقيقيا، تتصرف بأصالة، ومعرفة القيم والرؤية الخاصة بك، وتفعل ما ينسجم مع عملك، و(2) أن تكون متكاملا، وتحترم الشخصية المتكاملة، وتعرف أن هناك أجزاءً مختلفة من عملك، والمجتمع، والحياة الشخصية التي تؤثر على بعضها البعض، و(3) أن تكون مبدعا، وتتعلم باستمرار، وتجرب طرقا جديدة لإنجاز أعمالك، وتكون لك القدرة للتكيف مع الظروف المتغيرة. هناك حقيقة ثابتة وبسيطة، فكما أن هناك قيادة عظيمة ومذهلة يمكن أن تشعل المكان نجاحا، فإنه يمكن للقيادة الفاشلة أن تسقط المدن والشركات والاقتصادات. إن انهيار الشركات المالية الكبرى عالميا وانكشاف سوأة البنى التحتية في كثير من البلدان النامية، ليس إلا أمثلة على فشل القادة المسؤولين عنها. إن العديد من الكوارث القيادية الأكثر غرابة لديها نفس المكونات المشتركة، مثل القادة الذين يفتقرون إلى النزاهة، والذين يبنون ثقافة في المنظمة بحيث لا يسمع صوت معارض. "القيادة ليست المنصب، انها سلطة أخلاقية. والسلطة الأخلاقية تأتي من المبادئ الإنسانية الخالدة مثل الصدق والنزاهة ومعاملة الناس باحترام،" كما يقول ستيفن كوفي، مؤلف العديد من الكتب الأكثر مبيعا حول القيادة وتطوير الذات. كما يتفق معه بيكر، مؤلف كتاب "القيادة باللطف" بأن الإخفاقات الهائلة في كثير من الأحيان تعود إلى القادة الذين لا يستمعون. ويضيف بيكر، عندما كانت شركة مرسيدس مشرفة على الانزلاق إلى الهاوية، كان هناك الكثير من الناس الذين يعرفون. وكانوا إما خائفين من قول ذلك لأن الرئيس كان مستبدا، أو لأنه لم يستمع. جزء من المشكلة أنه غالبا ما يتم اختيار الأشخاص الخطأ لقيادة المنظمات. يقول تيموثي جادج رئيس قسم الإدارة بكلية الإدارة في جامعة فلوريدا، اننا نختار هؤلاء القادة المُغضَبين، في حين أن ما هو مطلوب حقا هو شخص هادئ، وذو تركيز، ومثابر، له القدرة على بناء مجموعات ومنظمات فعالة. كارين روتنبرغ التي تركت عملها بعد 10 أعوام كعميدة لكلية الحقوق بجامعة ميريلاند، تقول بأن عدم وجود كل من التدريب والقدوة المثالية لقادة المستقبل يمكن أن يسهم في الفشل. عندما كانت عميدة للكلية، كانت تدفع لمزيد من التركيز على تدريس القيادة في الفصول الدراسية، مع التركيز على وجود البوصلة الأخلاقية في كل التصرفات. في الواقع، فإن معظم القادة، سواء في مجال السياسة أو الأعمال التجارية يفشلون. لقد كان هذا هو الحال دائما. إن غالبية المنظمات والجمعيات في العالم تدار بشكل سيّئ، كما يستدل عليه من خلال أدائهم المالي وتقييم المجتمع وموظفيهم لهم. لذلك، فإن القيادة الناجحة هي دائما الاستثناء وليس القاعدة. ومن الأمثلة التي تقود لاحقا إلى الفشل القيادي في العالم، اختيار القادة المبني على تغليب المصالح الشخصية على أهداف المنظمة. فقد تجد المحاباة وعدم الشفافية في اختيار القادة واضحا. فقد يقع أصحاب القرار تحت ضغوط لاختيار أشخاص معينين، كأن يقال: "هذا ولدنا، ضعوا بالكم عليه." ومعناها لا بد أن يعامل هذا الشخص بطريقة منفردة، وأن يفسح له الطريق دون غيره، ويوضع على السكة السريعة لإيصاله إلى القمة. كما قد يلجأ صاحب القرار لاختيار نوابه ومساعديه من الضعفاء غير الأكفاء، ويتخلص من الأقوياء الأكفاء، حتى لا يشكلوا عليه أي تهديد يذكر في المستقبل أو ينازعوه السلطة، حيث إن فرصهم في البروز ضعيفة. كما أن هؤلاء الضعفاء في الغالب مطيعون ولا يجرؤون على مخالفة من وضعهم في ذلك المكان غير المستحق، أصلا. ولكن في الجانب الآخر، فإن الفشل هو أقوى مصدر للخبرة والفهم. انه يعلمك القدرة على البقاء والتجدد واكتشاف الذات وكذلك المنظمة التي تقودها. كما أن بإمكانك التعلم من الآخرين من خلال إخفاقاتهم. إذا أردت حقا أن تعرف أكثر عن شخصية إنسان آخر، ببساطة ما عليك إلا أن تسأله عن أهم اخفاقاته وكيف تغلب عليها. إذا لم يستطع التفكير في ثلاثة إخفاقات على الأقل، فهو إما أنه لم يمر بتجارب كثيرة ولم يتحمل نسب مخاطرة تذكر، أو أنه لا يقيّم الفائدة المجنية من الإخفاقات، ولذلك فهو معتد بنفسه أكثر من اللازم فلا يرى إخفاقاته أو يعترف بها. القيادة العظيمة معناها أن تكون مسؤولا عن تصرفاتك وقراراتك. إن كثيرا من القادة العظام في التاريخ قد فشلوا، ولكنهم نجحوا في النهاية نتيجة تحملهم للمسؤولية الذي دفعهم للمثابرة ليكونوا قادة أفضل. كما أن الإخفاق يكشف لك من هم محل الثقة والاعتماد. ويعطيك صورة حقيقية عمن هم "حزام ظهرك" الحقيقيين. في نهاية الأمر، فإن ما يحدد شخصيتك هو طريقتك التي تتعامل بها مع إخفاقاتك، فاعترافك بالهزيمة بدلا من أن تبحث عن قناع لتغطي به الحقيقة، وسؤال نفسك ماذا استفدت من أخطائك، بدلا من أن تضع اللوم على الآخرين أو على الظروف لتبرير الهزيمة، هذا ما يوضح معدنك القيادي. إننا نعتمد كثيرا على الأقدمية عند اختيار القادة. وبناء على "مبدأ بيتر"، فان الناس ترتفي في المنظمات إلى مستوى عدم الكفاءة. ونحن عندما نعطي الكثير من الوزن للأقدمية في اختيار القادة، فإننا نوقع أنفسنا في ورطة، لأن الأقدمية قد تكون في الواقع مؤشرا على ضعف القدرة. فهياكل منظماتنا البيروقراطية غالبا ما تؤدي إلى سوء اختيار القادة. انها تثمن الأقدمية لأنها في الواقع لا تستثمر في الموارد اللازمة لقياس الأداء. فتجد أن الناس الذين يتبعون الأنظمة بحذافيرها هم في الغالب من يرتقون في مناصبهم، في حين يتم معاقبة المجتهدين خارج نطاق الأنظمة. هناك العديد من البحوث التي أجريت مؤخرا توحي بأن أفضل القادة هم الذين لَا يستسلمون للأنظمة ويحاولون كسرها بلطف، إذا كانت عائقا أمام الأداء المستهدف. في الغالب، فإن المنظمات تختار موقفا وسيطا في اختيار القادة. فهي قد ترجح مبدأ "امسك مجنونك لئلا يأتيك من هو أجنّ منه." وتحبذ اختيار الشخص الذي يتصرف وفقا لقواعد اللعبة ضمن المسار المحدد سلفا، بدلا من القادم من خارج المجموعة الذي قد يجبرها على التفكير "خارج الصندوق"، في بحثه عن أشياء جديدة ومبتكرة. كما أن المنظمات التي تفتقر إلى قائد ناجح، لديها ميل طبيعي لاختيار قائد أناني، لديه ثقة مفرطة بالنفس وذي ميول نرجسية.