الحضور المكثف للسعوديين في وسائل التواصل الاجتماعي يجعل مهمة معرفة توجهات وحاجات المجتمع السعودي مهمة سهلة لدى المعنيين من المسؤولين بالتعامل مع هذا الحضور المعلن للحاجات والآراء والأفكار.. فالمجتمع اليوم مجتمع مقروء وواضح ويقدم لك نفسه بدون أن تطلب منه ذلك.. فبعملية فحص بسيطة لتلك المواقع التي تنشر المطالب والهوايات تجد أن مجتمعك من أكثر المجتمعات محافظة على قيمه الوطنية فأغلب حاجاته أو مطالبه تنطق بحروف وطنية ووعي.. شعب يعبر عن حقيقة وجوده وأحلامه بجرأة منضبطة ومسؤولة، ويحتاج أن يقرأ بمسؤولية. فحرية التعبير اليوم شيء واقع وملموس ويعمل به، فإن لم تجد هذه الحرية مسارات وطنية إبداعية ستتحول إلى شيء يشبه الفوضى الإعلامية.. فأسلوب متابعة المغردين بطريقة تشبه متابعة المنحرفين تعد طريقة تدعم نظرية الفوضى ولا تفيد واقع حرية التعبير.. الإعلام الجديد ليس اكتشافاً تقنياً موقتاً يسقطه اكتشاف جديد، ولكنه ثقافة مرحلة يجتمع بها الفكر والفوضى والحاجة والانتماء، مرحلة عرفت خطابها بطريقتها وليس بطريقتنا: فكانت الحرية والمشاركة بكل الشيء من أجل كل شيء ولكل الناس .. فالاهتمام بأدوات التعبير التقليدية وخاصة الشاشة التلفزيونية على حساب إعلام المرحلة، اهتمام يتراجع عن تحديات المرحلة إلى مستويات من التعبير تجاوزها إنسان هذه المرحلة، فصناعة المشاهد بالتلفزيون المكلفة مالياً لم تجد تجاوباً جماهرياً يتوافق مع ضخامة التكاليف، فالاستمرار في محاولة اكتشاف قدرات جديدة للتلفزيون لمخاطبة وعي الناس واهتمامهم محاولات لا تستقر على واقع جمهور الإعلام الجديد، فالاهتمام يجب أن يوجه للاهتمام لمحاصرة تحديات المرحلة باهتمام واعِ ومنتج. الإشكالية التي يعتقد المنظم لإنتاج خطابنا الإعلامي التي تواجهه في إنتاج فهم جديد للإعلام الجديد: إن إعلاماً يسيطر المواطن على إنتاج محتواه يصعب التحكم في خطابه ومنطلقاته، وهذا الصحيح إن اعتبرنا التحكم هو الآلية المطلوبة لضبط خطاب إعلام المواطن، ولكن الإشكالية في منطقة أخرى والآلية مختلفة تماماً، الإشكالية تكمن في تحفيز المواطن في تحمل المسؤولية وليس السيطرة عليه، وهنا يبرز الجانب الثقافي الخلاق الذي يدعم التعبير عند مستويات وطنية جديدة يتداخل فيها التقني مع الإنساني، الجانب التقني متوفر فالدولة تقدم الخدمات الاتصالية والتكنلوجية التي تخدم حرية التعبير، والإنساني جانب متوفر عند المواطن المستخدم، وهنا نحن أمام معطى متكامل وليس أمام جزء يطالب بجزء، ويبقى تحديد الرؤية الجديدة التي تستفيد من هذا التكامل ولا تنافسه، فإنشاء هيئة وطنية للإعلام الجديد مهمتها لا تعلم الناس بما يتحدثون أو كيف يتحدثون ولكن تخبرهم بمخاطر تعبيرهم إن وجد خطر وجودته إن خلق إضافة تعبيرية جديدة تفيد الكيان الأهم عند المواطن والذي هو الوطن، فالاهتمام بمرحلة الإعلام الجديد، اهتمام بوعي الجيل القادم بحماس وجرأة والمطلوب أن يكون حماساً منضبطاً على اعتبارات وطنية وليس متحدياً لها. لمراسلة الكاتب: malmutairi@alriyadh.net