بعد أسبوع من الصراع، في معترك دورة كأس «خليجي 22» لكرة القدم، غادرت نصف المنتخبات الرياض تجر وراءها خيبة الأمل بما قدمته من مستويات وجنته من نتائج، وبقي نصفها الآخر يتأهب لخوض غمار المربع الذهبي غدا في الطريق إلى النهائي يوم الأربعاء وكلهم أمل في الحصول على اللقب. وبين الرجاء واليأس يدور استطلاعنا الفني هذا مع نخبة المختصين في لعبة كرة القدم، لنقف على أسباب التواضع في المستويات التي كانت عليها الدورة، والتوقعات للحال الذي ستكون عليه فرق المربع الذهبي. دورة بلا هوية قال المحلل الرياضي المدرب علي كميخ أن دورة الخليج الحالية فاقدة لمعالم كرة القدم الحقيقية بما قدمته الفرق من مستويات باهتة جدا في الدور التمهيدي الذي أصابنا جميعا بخيبة أمل من فرق 7 منها متأهلة لنهائيات كأس الأمم الآسيوية في أستراليا بعد شهر من الآن، فهناك ضعف في التكتيك، وفي اللياقة، وفي الأداء الجماعي والحلول الفردية نستطيع أن نصفه بالوهن حتى الجولة الأخيرة من مباريات المجموعة الثانية والتي قدمت لنا المنتخب العماني بثوب جديد وروح صعقت المنتخب الكويتي «حبيب الدورة وصاحب الألقاب العشرة» بخماسية مذلة لم تكن متوقعة. واستعاد منتخب الإمارات شيئا من توازنه الفني بالفوز على أسود الرافدين الذين فقدوا مخالبهم للأسف، أما الفريق البحرين فلم نشعر بوجوده إلا في القدوم والمغادرة بينما على أرض الملعب فليس هذا هو الأحمر، وقس على ذلك منتخبي السعودية وقطر، مع استثناء اليمن لأنه كان حالة خاصة في الدورة بمستواه وبجماهيره التي مثل حضورهم للدورة بالتدخل الجراحي للأطباء لإنقاذ المريض من الخطر. وأضاف كميخ القول: «لو لا هذا الجمهور الذي أحدث ثورة في المدرج لكانت دورة الخليج أقرب إلى بطولة الصداقة الودية الدولية بمستوياتها التي لا تقارن بسابقتها في البحرين أو حتى في عمان والإمارات». وحمل كميخ المدربين لفرق نصف النهائي مهدي علي، لوبيز كارو، بول لوغوين، الحاج بلماضي مسؤولية إنقاذ الدورة مما هي فيه من وهن، وقال عليهم أن يقدموا لنا الفرق بمستواها الحقيقي والذي يجعلنا نتفاءل برؤية منتخب بطل يضرب في النهائي فيوجع، فلم نر خططا ماكرة ولا مستويات جيدة، وأساليب في الأداء مقنعة حتى الكرات الثابتة لم تكن حاضرة ولا تجيدها الفرق باستثناء المنتخب العماني، وأن يستثمروا وقت الراحة، ومعرفة الفرق لبعضها في تقديم ما هو أفضل، وما تملكه من إمكانات. كميخ وجه كلامه إلى النجوم الكبار والذين أسماهم برجال الملايين وقال «عليكم أيها السادة أن تقنعوا الشارع الرياضي العربي والآسيوي بقدراتكم، وأنكم بالفعل تستحقون الملايين التي منحت لكم والمبالغ التي تصرف عليكم ولا سيما لاعبي السعودية، قطر والإمارات. ولم يغفل اللجنة المنظمة من التنبيه والتذكير بأن تعمل تسويق المربع الذهبي ونصف النهائي بصورة أفضل واضعة في الحسبان وصول الأخضر للنهائي وغيابه عنه (كفاية ما حدث في الافتتاح أطال الله في أعماركم). كميخ أوضح إن من أسباب تواضع المستويات في الدورة، أنها جاءت قبل كأس أمم آسيا وأن الفرق متخوفة من الإصابات التي تفشت في صفوفها وسبب لها ذلك ضغطا كبيرا، فضلا عن أن الدوريات لدى البعض بدأت متأخرة، وأن برامج الإعداد للدورة لم تكن مناسبة والتي كان من نتائجها إقالة مدرب البحرين واستقالة مدرب الكويت، والتلميح بإقالة مدرب السعودية ولا غرابة في ذلك فدورة الخليج مقصلة المدربين. الأضعف في دورات الخليج اللاعب الدولي السابق وأول لاعب سعودي يرفع كأس الخليج عام 1994 في الإمارات العضو الحالي في الجمعية العمومية لاتحاد كرة القدم فؤاد أنور قال: «هذه أضعف دورات الخليج مستوى على الإطلاق.. قلت هذا في البداية، وأقوله في منتصف المشوار، وأتمنى أن لا أكرره في نهاية المشوار وأن تأتي فرق المربع الذهبي بجديد، فحينما تنتهي 4 مباريات من 8 بالتعادل السلبي ماذا يعني ذلك، ومن فرق 7 منها متأهلة إلى كأس أمم آسيا في أستراليا والذي يفترض أن لديهم الشيء الكثير ليقدموه لنا هناك أمام منتخبات الشرق ولا سيما، كوريا، اليابان وأستراليا. وأضاف فؤاد أنور قائلا: «نحن نعترف بأن دورة الخليج تشكل حملا ثقيلا على اللاعبين من الناحية النفسية، لكن لا أن تصل الأمور حد الإفلاس الفني، فالفرق لم تقدم شيئا مقبولا، ولن نقول مرضيا لا في العمل الجماعي، ولا في الأداء الفردي، فيما عدا المنتخب العماني الذي قدم كرة جماعية وزلزل الأرض من تحت الفريق الكويتي الذي تلقى أقسى خسارة له في دورات الخليج، وهو الذي كان يراهن على الفوز بها دائما. واستطرد فؤاد قائلا: نتفق على أن الأخضر كان أمام البحرين مقنعا وسجل هدفا من 3 حسبت له، لعلها تشفع للفريق ومدربه المطالب بإقناع الجماهير والشارع الرياضي عموما بأن لدينا منتخب جيد، وأنه قادر على استثمار قدرات ما لديه من كفاءات فهؤلاء هم الذين يقودون أنديتهم ببراعة، بينما هم هنا عاجزون مما يوحي لنا بأن هناك مشكلة فنية ليسوا قادرين على حلها أو فهمها بكل صراحة من قبل هذا المدرب المتقلب المزاج والذي لم يستقر على رأي ولا على تشكيلة لا في المباريات الودية ولا الرسمية، وعلى لوبيز أن يدرك أنه سيلعب مباراة من خروج مغلوب أمام فريق أبهرنا في السنوات الأربع الأخيرة لكنه لم يكن كذلك في المباريات السابقة وقد يعود من مباراة السعودية وفق مؤشر التطور التدريجي في المستوى العام له، ولعلي هنا أرجع أسباب انخفاض مستوى الإمارات إلى كثرة الإطراء على اللاعبين، والمكافآت المالية التي انهالت عليهم بعد دورة الخليج السابقة، حتى أن البعض من اللاعبين أصبح يتعالى على الكرة في أدائه لأن منتخب الإمارات ليس هو ذلك الفريق المدهش في الناشئين والشباب، والتصفيات الأولمبية، وتصفيات كأس العالم وقد يحضر من مباراة السعودية. فؤاد أكد على أن من وصل للمربع الذهبي هم أفضل الفرق الثمان السعودية، الإمارات، عمان وقطر، ومن غادر كان الحلقة الأضعف، فليس هذا هو الكويت لأن الفريق يعاني من مشاكل داخلية كثيرة، والعراق ليس هو الفريق الذي نعرفه، فلا روح ولا تكتيك ولا جماعية ولا شيء للأسف، وليست هذه من صفات ومميزات الكرة العراقية، وحال الفريق البحريني غريب جدا، ففي الوقت الذي كانت الجماهير تنتظر منه المنافسة على البطولة وإحراز اللقب يخرج بأسوأ نتيجة، فقط الفريق اليمني من بين الخارجين الذي تغلب على ظروفه، وقدم لنا الأحسن والأجمل. أفضل 4 منتخبات تأهلت أرجع المدرب والناقد الفني نايف العنزي المستوى الضعيف الذي ظهر به دور المجموعات من بطولة الخليج 22 لضعف استعدادات المنتخبات المشاركة، مشيرًا إلى أنَّ الأداء الفني لم يصل للمعدل المأمول مقارنة بالبطولة السابقة التي حصلت الإمارات على لقبها. وقال العنزي في تصريح مطوَّل لـ»المدينة»: «لو قلت إنَّ البطولة قوية بالنظر إلى دور المجموعات فلن أكون منصفًا، فهي أقل فنيًا من سابقتها ومن الواضح أنَّ ضعف استعداد المنتخبات المشاركة أثَّر بشكل كبير على ظهور البطولة فنيًا كما يليق بها». وأضاف: «بالنظر إلى المنتخبات المشاركة نجد أن عمان قدم كرة جميلة، ولم يكن فوزه الأخير على الكويت مفاجأة، فالمفاجأة الفعلية كانت النتيجة الكبيرة وليس الانتصار نفسه، وبعد أن أكد كثيرون في الجولة الأولى أنّ المنتخب العماني يفتقد للمهاجم الهداف، جاءت مباراة الكويت فسجل خماسية، وبات الآن من الممكن أن يكون هداف البطولة من المنتخب العماني، كما أنَّ الفريق في مباراة العراق كان الأفضل فنيًا». وتابع: «أمَّا منتخب الكويت فلم يقدم ذلك المستوى المعروف عنه منذ بدء البطولة، فلم يكن الأفضل في مباراة العراق بغض النظر عن النتيجة، وفي مباراة الإمارات كادت شباكه تتلقى عددًا مماثلاً من الأهداف لما حدث أمام عمان لولا أنَّ الأبيض لم يتعامل بالشكل المطلوب مع اللقاء بعد التقدم بهدفين، وكشف لقاء عمان الأخير المستوى الحقيقي للكويت في هذه البطولة، بعد أن تعلم العمانيون من مباراة الإمارات درسًا في عدم التراجع والبحث عن تسجيل المزيد من الأهداف، وكان لهم ما أرادوا». وعن المنتخب السعودي، قال العنزي: «لست في موقف الدفاع عن لوبيز كارو، الرجل يعمل وفق ما يراه مناسبًا لنجاح عمله، وإن كثر المنتقدين حول المستوى الفني الذي ظهر به الأخضر في المباريات الودية والرسمية، إلا أنه لم يخسر أي لقاء رسمي منذ استلامه دفة قيادة الفريق فنيًا، ونجح في الصعود به لنهائيات آسيا 2015 رغم استبعاد الكثيرين لذلك، وبعد التعادل مع قطر في افتتاح الخليجية قاد الأخضر للفوز بثلاثية على البحرين التي نجد صعوبة في هزيمتها دومًا، ومع ذلك أرجع الجميع سبب الانتصار لضعف إمكانات الخصم، وليس لجهد اللاعبين، ولا تكتيك المدرب». وواصل العنزي حديثه قائلاً: «من ناحية النتائج يعتبر عمل لوبيز ناجحًا، وكما قلت فهو لم يخسر أي مباراة رسمية مع منتخبنا، ويعتبر لقاء الإمارات الثقيل فنيًا بنصف النهائي المحك والاختبار الحقيقي له، ولا يجب أن تتم إقالته في حال الخسارة فالمدرب يعمل وفق ما يراه وليس حسب رؤى النقاد والمتابعين والجماهير». وعن المنتخب القطري قال العنزي: «قطر لديها فريق جيد ويملك قوة في كافة الخطوط، والصعود بـ3 تعادلات ليس مؤشرًا لشيء فأنا أتذكر أن إيطاليا بكأس العالم 82 تأهلت إلى الدور التالي بـ3 تعادلات ثم فاجأت الجميع وحصلت على الكأس». وانتقل العنزي للحديث عن منتخب العراق قائلاً: «أثَّرت مشاكل الاتحاد العراقي الإدارية في عدم ظهوره بالمستوى المعروف عنه، ولعل تأخر وصول اللاعبين والمدرب من أبرز السلبيات التي عصفت بالفريق وأوضحت ضعف استعداده للبطولة». واختتم بالحديث عن المنتخبين البحريني واليمني فقال: «البحرين تعادلت في مباراتين وخسرت واحدة، ولم تظهر بمستوى فني تجاري به منتخبات المجموعة الأولى، ففي السابق كانت البطولة بنظام الدوري وكان هناك مجال للتعويض، أما نظام البطولة حاليًا فهي 3 مباريات إما أن تكون فيها أو لا تكون، وجاء المنتخب اليمني أكثر تطورًا، وسيكون له شأن في بطولات الخليج المقبلة». وأفاد العنزي بأن مستوى البطولة بشكل عام غير قوي، ليس لتقارب المستويات بين الفرق بل لضعف الاستعداد لها، موضحًا أن المنتخبات المتواجدة بنصف النهائي هي من استحقت التأهل.