يمثل «الشاي» أهمية حيوية كبيرة لدى مختلف سكان العالم بجميع فئاتهم، بل يعتبر الشاي أهم مؤشر لقياس (مزاج) سكان الأرض، حيث يعد الشاي أكثر المشروبات الساخنه شرباً خاصة لأهل المزاج، والشاي ربما يعرف بأنه هو أشهر نكهة اخترعها الإنسان لتغيير مذاق الماء عديم اللون والطعم والرائحة. فهذا المشروب ظل وعلى مدى قرون طويلة قديماً إحدى العلامات المميزة للحياة المترفة و«الكماليات»، وظل في منافسة قوية مع القهوة والشيكولاتة لقرون عديدة، أما اليوم فقد أصبح الشراب المفضل «للفقراء» والأغنياء على حد سواء، فما من مقهى شعبي بسيط ولا مطعم فاخر إلا وتجد على لائحة المشروبات فيه «الشاي». ويعود منشأ الشاي الأصلي إلى المنطقة المقفرة الجبلية الواقعة عند حدود بورما والهند والصين، حيث تنمو نبتته الأصلية المعروفة علمياً باسم (كاميليا سنسز)، ويقال إن إمبراطور الصين شين نوج هو الذي اكتشف الشاي قبل الميلاد ب 3254 سنة فبينما كان يجمع من غصن شجرة الشاي زهوراً يغليها بالماء لصبغ بعض الأقمشة سقطت أوراق من الغصن في الماء فتغير لونه فأعجبه اللون وذاق الماء فاستساغ الطعم وشرب منه وشعر بأنه أحسن حالًا وأكثر نشاطاً فكان أول من شرب الشاي وأخذ فيما بعد يشربه مع حاشيته فانتشر شربه وانتشرت زراعته، كما أن للشاي أنواعاً عديدة ومن أنواع الشاي الشهيرة في السوق المحلية (الصيني، والهندي، والسريلانكي، والياباني). وتشير المصادر والكتب إلى أن نقل الشاي من قارة آسيا إلى أوروبا بواسطة البرتغاليين، قد استغرق الأمر أكثر من مائة عام حتى أصبح متوافراً لعامة الناس بسعر معقول في أسواق المدن الأوروبية. الدخول لجدة كما يذكر أن الشاي وصل إلى منطقة الخليج في بدايات القرن التاسع عشر من الهند، حيث إن الشاي دخل إلى ميناء جدة في القرن التاسع عشر، أي بعد دخول القهوة بنحو 3 قرون، وأصبح منافساً لمشروب البن في المقاهي، ثم بدأ ينتشر الشاي في المنازل والمكاتب في السعودية، بل أصبح المشروب الوحيد تقريباً الذي تقدمه المكاتب التجارية لزوارها ومرتاديها، كما أن الأمهات يستعملنه لخواص علاجية أصبحت معروفة شعبياً، فكمادات الشاي الدافئة لا تزال هي أول الحلول وأنجحها لتخفيف التهابات العين واحمرارها، وذلك لخواصه القابضة، وهي الخواص نفسها التي تجعله مفيداً في حالات الإسهال، وتجد في مراكز التسوق في وقتنا الحالي أقساماً كبيرة للشاي لكثرة العلامات التجارية المتعلقة بالشاي وأنواعه، من الناعم والخشن والأكياس والأخضر والمعطر، فليس هناك حد لعدد النكهات التي يفضلها مستهلكو الشاي في السعودية، وإن كان النعناع هو الغالب إلا أن هناك من يضيف الحبق والليمون والقرنفل والزنجبيل والقرفة وغيرها من الأعشاب والزهور العطرية، بل والفواكه في بعض الأحيان. عشق الشعب والشعب السعودي هو أحد الشعوب التي اشتهر بعشق الشاي بجميع أنواعه المختلفة ونكهاتها المتنوعة، أصبح تناوله إحدى العادات الاجتماعية بشكل يومي. كما أن له طريقته المعروفة في شرب الشاي، حيث يفضل البعض نكهاته ومذاقه الخاص كإضافة بعض المواد كالنعناع والحبق والميرمية والبابونج والزهراوات، ويفضل بعض الأشخاص تناول الشاي ممزوجاً بالحليب، وبغض النظر عما إذا كان المذاق الذي سنحصل عليه أفضل أم لا بعد إضافة الحليب، فإن الدراسات أثبتت أن إضافة الحليب العادي إلى الشاي قد تزيل كل الفوائد التي نحصل عليها من الشاي، فالحليب العادي يحتوي على الدهون وعلى الكولسترول، كما أن المواد الأساسية التي تربط بين بروتينات الحليب وتعطي الحليب اللون الضبابي وتسمى مواد كاسين casein تقوم بمنع الجسم من الاستفادة من المواد المضادة للأكسدة التي يحتويها الشاي. ولم تثبت هذه النتائج فيما يتعلق بالحليب النباتي المستخرج من فول الصويا أو الذرة أو المكسرات، وهو ما يسمى بمبيضات القهوة النباتية وذلك لعدم احتوائه على مادة كاسين. فوائد الشاي وتقتصر فوائد الشاي على المادة الموجودة فيه والمسماة (شايي) الشبيهة (بالكافي) العنصر الفعال للقهوة، أما الرائحة الخاصة فتأتي عن الزيت الطيار الموجود في الأوراق أو عن بعض الروائح التي تضيفها المعامل أحياناً إلى الأوراق لتزكي رائحتها والشايين مادة منبهة للأعصاب مقوية للقلب والذاكرة إذا لم يفرط المرء في استعمالها وشرب الشاي ضمن الحدود المقبولة يجنب الإنسان الكثير من المضار، وفي الشاي أيضاً مادة التيوفيلين المقوية للقلب والمدرة للبول بآن واحد، وفي الشاي عنصر الكالسيوم بكثرة، كما أن فيه مادة الاكسالات والحماضات وهما مادتان نافعتان للإنسان إذا أخذتا بمقادير محددة خاصة الكالسيوم المهم لتكوين العظام والأسنان ويفيد الشاي في بعث النشاط الكامن في الجسم وفي معالجة الصداع، خصوصاً صداع المراقين والمصابين بالرعن (ضربة الشمس) وهو هاضم إذا أخذ بعد الطعام بثلاث أو أربع ساعات على أن يكون خفيفاً مرققاً، وإلى جانب هذا تقول أبحاث حديثة إن الشاي غني بالفلورايد وهو معدن يضاف إلى مياه الشرب لوقاية الأسنان من التسوس، وقد أثبتت التجارب التي أجريت على الفئران أن الشاي كان عاملًا مساعداً في الوقاية من تسوس الأسنان. الشاي الأسود منصور المورادي أحد تجار جملة الشاي بالدمام تحدث لليمامة قائلاً : إن السعودية تستورد سنوياً ما متوسطه نحو 11 ألف طن وبإجمالي فاق ال 228 مليون ريال، ويعتبر الشاي الأسود من أكثر أنواع الشاي استيراداً، حيث بلغ حجم المستورد عام 1999م 9954 طناً، وبقيمة إجمالية تفوق ال 228 مليون ريال، وبالنظر إلى سعر الطن فسنجد أن الشاي الأسود هو الأغلى، حيث يبلغ سعر الطن الواحد 21764 ريالا في مقابل 15358 ريالاً للشاي الأخضر، ويتمركز متذوقو الشاي الأخضر لدى فئة معينة من السكان بالسعودية، أغلبهم من المغاربة والتوانسة أو جنسيات أخرى محددة، أما الفئة الأغلب فتتذوق الشاي الأسود. ويضيف المورادي أن أغلى شاي موجود في السوق السعودي هو الشاي المصري، فيعتبر من أغلى أنواع الشاي، حيث يبلغ سعر الطن الواحد أكثر من51 ألف ريال، وقد يرجع ذلك إلى طبيعة الشاي المصري ذات الرائحة المتميزة، ثم يأتي الشاي الإنجليزي وبقيمة تزيد على 35 ألف ريال للطن، ثم الشاي العماني وبقيمة 27 ألف ريال للطن، ثم الأمريكي وبقيمة 22 ألف ريال للطن، ويبلغ سعر الطن من الشاي الهندي نحو 21 ألف ريال، ويعتبر الشاي الصيني والسيرلانكي هو الأرخص ويبلغ سعر الطن منه نحو 12 ألف ريال للطن.