استقبل العالمُ العربي والإسلامي بسعادةٍ بالغة موقف دولة السويد الشجاع، الذي أعلنت من خلاله اعترافها رسمياً بدولة فلسطين، واعترافها ضمنياً بحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة، والتي تنعم بكامل الإرادة والسيادة، ونتوقع أن يكون هذا الموقف الجريء فاتحة خيرٍ جديدة وبادرةً فريدة، ستحذو حذوها كافة دول العالم المُحبّة للسلام، فأول الغيث قطرة، وبهذا القرار ترفع دولة السويد أسهم احترامها وتقديرها لدى العرب والمسلمين والعالم الحُر قاطبةً، فقد تعودنا من العدو الإسرائيلي أن يُكدِّر صفونا من حينٍ إلى آخر، وأن يؤذي مشاعرنا بتصرفٍ أحمق من تصرفاته الرعناء، التي لا يُقصد من ورائها إلا التحدي والتعالي والتطرف، وآخر هذه التصرفات غير المقبولة اقتحام نائب رئيس برلمان الاحتلال الإسرائيلي (الكنيست) ذلك الصهيوني المتطرف للمسجد الأقصى المبارك، وهو يُنفِّذ وعيده وتهديده في صلفٍ وعنجهية عبر جولته الاستفزازية، في باحات ومرافق المسجد الأقصى، تحرسه عناصر الوحدات الخاصة بشرطة العدو، وكأنه يقول للعرب والمسلمين: سمعناكم تقولون إن المسجد الأقصى خط أحمر لا يمكن تجاوزه ولا اقتحامه، وأنا اليوم أتجاوز الخط الأحمر وأقتحم المسجد فماذا أنتم فاعلون؟ سمح هذا الرجل المتطرف لنفسه أن يسرح ويمرح كيفما شاء في الوقت الذي فرضت فيه قوات الاحتلال قيوداً مشددة لدخول المصلين ظلماً وطغياناً للمسجد، وذلك بمنعها من هم دون الأربعين من الدخول، بينما منعت كافة الأعمار من الدخول أثناء جولة ذلك المتطرف، أما النساء فعليهن تسليم بطاقاتهن الشخصية، وإلا فلن يُسمح لواحدةٍ منهن بأداء فرائضها، ومن هذا المنطلق يتضح أن الأمر ليس إلا تحدٍ سافرٍ للمجتمع الدولي، وإهانةٍ كبرى لمشاعر ملايين المسلمين، وتعدٍ واضح على مقدساتهم الدينية. إن ما يحدث في المسجد الأقصى جريمة يرفضها القانون الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فلابد من إدانة هذه الخروقات الأمنية والتعديات العنصرية الإسرائيلية وتلك الجرائم الإنسانية، التي خوّلت لإسرائيل إغلاق المسجد الأقصى كيفما تريد وساعة ما تريد حسب ما يمليه عليها المزاج، وتناسى العدو الإسرائيلي أن في خلط الدين بالسياسة تهديدًا بتزايد بؤر الإرهاب وانتشار أفكاره وعملياته الإجرامية في العالم. إن المملكة العربية السعودية بمواقفها الواضحة ودعمها للقضية الفلسطينية، أدانت بقوة إغلاق المسجد الأقصى في وجه المصلين وبناء المستوطنات في القدس الشرقية، كما حذرت مما قد يترتب على تلك التصرفات من عواقب وخيمة. كما كان للقاء العاهل الأردني برئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الخارجية الأمريكي أبلغ الأثر في تهدئة الأوضاع، حيث تمخّض اللقاء عن نية حكومة العدو، منع اليهود من دخول الحرم وتحديد آليات جديدة لاستقبال السُياح، ويرجع الفضلُ في تلك التنازلات لاستخدام العاهل الأُردني ورقة اتفاق السلام التي تحمل اسم (اتفاق وادي عربة) الموقّعة مع تل أبيب عام 1994م، والتي تكفل للأردن حق الإشراف على المقدسات في القدس. وبما أن إسرائيل دولة خارجة على القانون، ولا تهمها العقود والمواثيق، فكم من مرةٍ ضربت بالعقود والمواثيق الدولية عرض الحائط، لهذا نقول لا أحد يضمن احترامها للاتفاقيات المبرمة فتمسكها بالعهود مشكوكٌ فيه، والدليل على عدم احترامها للقانون وحقوق الإنسان، أنها ما زالت مستمرة في بناء مستوطناتها على أراضي الضفة الغربية (القدس الشرقية) على وجه الخصوص في مخالفةٍ واضحة للقرارات الدولية ذات الصلة، الأمر الذي سينسف حل الدولتين وسيجهض الجهود الرامية لتحقيق السلم والتعايش، فلا بد أن يعيد المسلمون قناعتهم بأن المسجد الأقصى خطٌ أحمر واقتحامه بتلك الصورة سابقةٌ خطيرة تُضاف إلى الخروقات الإسرائيلية، فعلى المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات رادعة للجرائم الإسرائيلية المتكررة التي من شأنها تغذية التطرف والإرهاب. sbt@altayar.info للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (73) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain