* تحتاج برامج السينما في التلفزيونات العربية إلى نفضة تقلبها رأسا على عقب، وإذا ما حدث - وإن انكسر بعضها خلال هذه النفضة وتناثر فلا بأس. فلم يكن يستحق أساسا أن يبث. * هي برامج متشابهة: طق حنك ثم المزيد منه عن الأفلام المعروضة (في أميركا فقط!) ومن دون مشاهدة. يكتفي المعدون والمذيعون بقراءة ما هو منشور على الإنترنت من معلومات. ليس كل المعلومات، وليس بغرض المعرفة وتوريث تلك المعرفة للمشاهد، بل فقط من الذكر فقط. لذا فكل الأفلام جيدة وكلها «ممتعة» و«ناجحة» و«كم أنا سعيدة بأني أتحدث عنه إليكم». * لا ينفع القول إن «هذا ما يطلبه المشاهدون». المشاهدون ليسوا كتلة واحدة تستجيب لضغط على الزر. إنهم مشارب مختلفة. فئات متناقضة و - بالطبع - هناك فئة تطلب برنامجا سينمائيا متخصصا يذهب إلى ما بعد تنميق الكلاب وتجميل الأعمال وأبعد بكثير مما توفره الابتسامة العريضة التي لا تعني شيئا على الإطلاق. * هذه الفئة مثقفة تريد المعلومات وتريد الرأي - اليقين. تريد أن تشاهد وتسمع مادة دسمة تذهب لما وراء الظاهر. تريد أن تلتقي من يعرف وليس من يقدم «برفورمنس» مسليا. ومحطاتنا التلفزيونية على كثرتها لا تعرف شيئا عما هو مطلوب. يغار بعضها من بعض وتقدم المادة ذاتها عبر مقدمات مختلفات. * في العالم التلفزيوني الأرقى، لنقل الولايات المتحدة، هناك برامج مختلفة عن السائد. في الواقع، قلما تجد إذا ما سبحت بين أمواج الأثير برنامجا يدعي أنه سينمائي ويقدم لك الترفيه وحده. ستجد برامج ترفيهية تتناول النجوم والاستعراضات وليس الأفلام من زوايا نقدية أو معلوماتية. هذه متوافرة في برامج أخرى، كان من بينها البرنامج الناجح للناقد روجر إيبرت وإن لم يكن وحده. صحيح أنه كان البرنامج الأنجح بين أترابه، لكن بعض هؤلاء كانت لهم برامجهم الخاصة. وبعضها يمارس لليوم في حيز جاد ورصين وله جمهوره الخاص. * لكن، إذا كان روجر إيبرت هو أبرز نقاد التلفزيون (وموقعه قبل رحيله كان الأكثر انتشارا بين مواقع النقاد الآخرين)، فإن هناك أشكالا مختلفة من الحضور الثقافي للسينما عبر هذا الوسيط، وأبرزهم هو روبرت أوزبورن: رجل تجاوز الثمانين من العمر يقف منذ 20 سنة أمام كاميرات محطة «TMC» («تيرنر كلاسيك موفي تشانل») ليقدم الأفلام التي سيتم عرضها وقد يعود بعدها للحديث عنها مع ضيف ما. * أوزبورن ليس ناقدا بل كان في الأصل صحافيا ومعلقا سينمائيا، كتب مطولا في مجلة «ذا هوليوود ريبورتر» وعندما قررت «TMC» أن تتوج توجهها إلى المثقفين وهواة السينما من المشاهدين أحسنت اختياره لهذا الغرض. منذ 20 سنة وهو يقف بأدب جم وبابتسامة المحب ويقدم الأفلام مستعينا بخبرته ودرايته وجاذبا إليه كل الذين يحبون السينما ذات الشأن. * المحطة بدورها فريدة النوع والتأثير، خاصة في الأفلام الكلاسيكية ولديها مخزون كبير من الأعمال التاريخية أميركية وعالمية، وتقيم التظاهرات والمهرجانات بحيث إذا ما جلست أمامها صباحا لن تتركها قبل حلول موعد النوم. هم ناجحون ونحن - في أفضل الحالات - مقلدون.