مَازلتُ أُعَاني مَع النَّاس في مَسألة الوَقت، وكُلَّما وَاعدتُ وَاحِدًا مِنهم في سَاعة مُحدَّدة؛ جَاءني في السَّاعة التي تَليها.. إنَّهم يَفعلون ذَلك وهُم مُسلمون، ونَسوا أنَّ المُسلم إذَا وَعَد أوفَى، ومِن علَامات المُسلم التَّقي النَّقي الوَفي، الالتزَام بالمَوعد.. وقَد تَعلَّمنا هَذا الالتزَام مِن الصلوَات الخَمس التي قَال عَنها الله -عَزّ وجَلّ -: (إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا)..! لقَد تَعبتُ وتَعب مَعي القَلَم؛ وأنَا أكتُب عَن الالتزَام بالوَقت مَع مَن أُوَاعِد، ومَع هَذا التَّعب لَن أيأَس، وقدوَتي في ذَلك نَبيّنا نوح -عَليه السّلام- الذي لَبَث في قَومه أَلف سَنَة إلَّا خمسين عَامًا، يَدعو ويَنصَح، ولَم يُؤمن بِهِ إلَّا نَفر قَليل..! مُشكلتي مَع أُنَاس كُثر؛ حِين نَتوَاعد في السَّاعة السَّادِسَة مَثلًا، أنَّهم لَا يَأتون في المَوعِد، بَل يَخرجون مِن مَنازلهم في السَّاعة السَّادِسَة، ومَع زَحمة الطُّرق، واكتظَاظ السيّارات في جُـَّدة -بضَم الجِيم طَبعًا- هَذه الأيَّام، يَصلون إلَى المَكان في السَّابِعَة، وإذَا عَاتبتُهم قَالوا: (الدُّنيا زَحمَة).. الدُّنيا كُلّها ولَيست جُـدَّة فَقط..! إنَّ مَن يَقول هَذا الكَلَام يَخلو مِن المَنطق، فأبسَط مَسائل المَنطق أنَّك إذَا التَزمتَ بمَوعد في السَّاعة السَّادِسَة، يَجب أنْ تَخرج مِن بَيتك في الخَامِسَة والنِّصف.. هَذا إذَا كَان بَيتك قَريبًا، أمَّا إذَا كَان بَيتك بَعيدًا؛ فيَجب أنْ تَخرج في الخَامِسَة..! أعلَم أنَّ هَذه مَعلومَات وبَديهيّات، في حِين أنَّها عِند الآخرين غَرائِب ومَجهولات.. ولَكن مَا حِيلَتي إذَا كَان قَومي لَا يَعلمون..؟! إنَّ العَرَب لَا يُحبّون الالتزَام المُحدّد بالوَقت، لذَلك إذَا سَألتَ السَّائِق: مَتَى ستَأتي؟ قَال لَك: (مسَافة السّكة)، ومسَافة السّكة مِن المُمكن أنْ تَمْتَد مِن نِصف سَاعة؛ إلَى ثَلاث سَاعَات، لذَلك هو يَضع مَوعدًا «مَطاطيًّا»، تَتحكَّم فِيهِ السّكة، ولا يَتحكَّم هو فِيهِ..! ومِن مِثل عبَارات «مسَافة السّكة»، هُنَاك مَواعيد مِثل «بَين العشَائين»، و»مسيّان الضعيّف»، و»الضُّحَى»، و»العَصر المُتأخِّر»، إلَى آخر هَذه المَواقيت؛ التي كَان يَستخدمها «الجَاحِظ» في أيّامه، والفُقهَاء حِين كَانوا يَقولون: (حِين يَصير ظِلّ كُلّ شَيء مِثله)..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي القَول: إنَّني أتعجّب مِن أُناسٍ يَلبسون أفخَم وأرقَى وأغلَى السَّاعَات، ومَع ذَلك لَا يَنظرون إليهَا، بَل يَلبسونها للزِّينة والتَّفاخُر، وقَد تَوصَّلتُ إلَى نَظريّة عَرفجيّة تَقول: (كُلّمَا زَاد سِعر وثَمَن السَّاعة قَلّ التزَام صَاحبها بالوَقت)..!!!. تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (20) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain