استشرت واستأذنت محمداً ولدي الأكبر ذا الـ 14 ربيعاً، وصديقتي المرشدة الطلابية مريم السلمان بهذه الأفكار التي نتشاركها الآن، فقد أوتينا من العلم قليلاً. من تلك الترنيمات التي كنت أهدهد بها صغيري «متى أشوفك ملتحياً وأشوف طولك واستحي» مرت السنوات لأرى وليدي الذي ولدته خديجاً يفوقني طولاً، ويخط الشارب في وجهه، ويخشن صوته، وتحتجب النساء عنه. فعلى الرغم من شخصية محمد الهادئة والمنضبطة فهو لم يصل معنا للعناد والجدال ورفض ما نطلبه منه كما أقرأ عن مشكلات المراهقين، ومازال يحب الجلوس معنا كأسرة ويسمع من تجاربنا ويأخذ بمشورتنا ويستمتع بالقصص التي تحمل توجيهاتنا التربوية ونتشارك هواياته. لكنه يتحسس كثيراً ويعنف إخوته الأصغر منه، ويسهر مع أصدقائه الذين يحتلون مساحة كبيرة من تفكيره وتواصله، ولا أستطيع تقبل أن التفوق الدراسي ونيل الدرجات الكاملة ليس أولوية له. ليس المراهق فقط من يعاني في هذه الفترة الحرجة من حياته والتي تمر بتطورات مختلفة جسدية وعقلية ونفسية واجتماعية، ولكن حتى من يتعامل معه من والدين ومرشدين بحاجة للتوجيه والإرشاد باختيار الوقت والأساليب، وأن لا نقارن أبناءنا مع أقرانهم المختلفين عنهم في شخصياتهم وظروفهم وقدراتهم أو أن نفرض عليهم قسراً تحقيق أحلامنا، وأن نفرق بالتعامل بين الحزم والقسوة ليمر المراهق بهذه المرحلة بأمان وبدون ندبات بحياته تسبب عثرات في مستقبله. يلوم شاب سيئ السمعة والديه ويتمنى لو أنهما حتى حبساه في المنزل ولم يتركاه للشارع ولأصدقاء السوء الذي تحرشوا به وأضاعوه ومستقبله بالشذوذ والمخدرات. وآخر أضاع أحلى سنوات عمره كئيباً يفكر بالانتحار وأهمل دراسته وانعزل عن أسرته ومجتمعه بسبب معلم قاس أغفل رسالة التربية التي تسبق التعليم. أو من افتقد الحضن الدافئ والاحتواء والاحترام في داخل أسرته، وبانتقاد مستمر له لم يفرق بين الانتقاد لسلوك خاطئ أو الانتقاد الجارح لشخصه، أو من لم يجد لنفسه مكانة بين والديه المشغولين عنه، أولئك لم يحققوا ذواتهم بين أسرهم فبحثوا عن الانتماء بين أصدقاء سوء أو مع جماعات تستهدف المراهقين لتمرير أجنداتها تغرر بهم وتقودهم للهلاك. لهذا أوصي نفسي وإياكم بتعاملنا مع المراهق : • قدم له قواعد واضحة ملزمة واحترم رغبته بالنقاش . • لا تغال في ردود الأفعال لأخطائه واستمع له بالقلب والأذن، ووجه اهتمامك له عندما يمر بمشكلة . • شجعه بالاهتمام بأفكاره وأنشطته وأصدقائه . • اهتم بمتابعته دراسياً واجتماعياً والتواصل المستمر لمعرفة حاجاته وتفهم مشاعره. • لا تعامله كطفل فالعيال كبرت، ولا بصيغة الأمر فالمراهق بحاجة للشعور بالاستقلالية وإن كان ذلك عن طريق المحاولة والخطأ. • تجنب الانتقاد الدائم والتلميحات الجارحة التي تقلل من شأنه، فالانتقاد ينبغي أن يوجه للسلوك الخاطئ لا لشخصه. • راقبه بشكل غير مباشر ومقيد ولا تفرط بالحصانة، وقدم له رسائل التوجيه بالقصة والتجربة وبالوقت المناسب. • التربية مسؤولية مشتركة بين الوالدين مهما كانت اختلافاتهما فإن نجاح أبنائهما هدف مشترك يستحق التعاون.