×
محافظة المنطقة الشرقية

هجر يقبض على صدارة «ركاء».. والجيل «يفرمل» القادسية

صورة الخبر

لندن: عبير مشخص عند الدخول إلى القاعة التي تحتضن معرض «اللؤلؤ» في متحف فيكتوريا آند ألبرت بلندن، يراودك الشعور بالغوص في الأعماق.. المكان يبدو غامضا وساحرا تتوارى فيه مصابيح الإضاءة لخلق إضاءة خافتة تلف المكان. التأثير الأولي يمهد لرحلة استكشاف بين خزانات العرض المصنوع بعضها من خزانات خشبية كانت ملكا لـ«شركة الهند الشرقية» في القرن التاسع عشر، في خطوة بارعة لخلق مزيج تاريخي جمالي للمعروضات. المعرض يعتمد في فكرته على معرض أقيم في الدوحة في عام 2012 استعرض كيفية تكون اللؤلؤ وأهمية استخراجه في تاريخ منطقة الخليج العربي وتأثيره على صناعة المجوهرات وصناعة التصاميم عبر التاريخ. وضم أيضا مجموعة كبيرة من القطع الفريدة التي صنعت من اللؤلؤ في العالم. ومع انتقال المعرض إلى لندن بالتعاون مع هيئة متاحف قطر، عهد إلى الخبيرة في تاريخ المجوهرات بياتريس شادور سمبسون إلى جانب هيوبير باري رئيس متحف المجوهرات واللؤلؤ المزمع إنشاؤه في قطر، تنظيم معرض أوسع وأشمل في طرحه. خلال حديثها مع «الشرق الأوسط» أشارت سمبسون إلى أن المهمة التي واجهها القيمان هي إعداد المعرض بشكل يتوجه إلى الجمهور البريطاني، وأضافت: «كوني خبيرة في تاريخ المجوهرات عهد إلى بإعادة صياغة المعرض ليناسب زوار متحف فيكتوريا آند ألبرت. وقمنا بالفعل بالتوسع والإضافة على المعرض السابق وأضفنا بعض الثيمات والمحاور الجديدة. ولكن يمكنني القول بأن العمل بشكل عام استغرق نحو عام شمل إنجاز كتاب خاص». وعن طبيعة الإضافات التي يمكن للزائر ترقبها تقول: «هناك الجانب التاريخي، فإلى جانب قصة صيد اللآلئ وصناعتها في منطقة الخليج، اخترنا عرض قطع مجوهرات تاريخية لها قصص استخدم فيها اللؤلؤ، ولهذا شمل التسلسل التاريخي استخدام اللؤلؤ في العصر الروماني مرورا بالقرون الوسطى وحتى القرن التاسع عشر. أعتقد أننا قمنا بشكل ما بتقديم لآلئ الخليج العربي في قالب تاريخي عالمي». تضيف سمبسون قائلة إن السرد التاريخي أيضا يتناول دور ميكيموتو الياباني الذي قلب الموازين في إنتاج اللؤلؤ بعد أن اكتشف طريقة لزراعة اللؤلؤ. ولكن العرض لا يتوقف عند القرن التاسع عشر ويمتد إلى العصر الحالي، ويستعير قطعا ارتبطت بالنجوم والشخصيات التاريخية ليضيف بريقا إضافيا إلى لمعان حبات اللؤلؤ: من القرط الذي ارتداه الملك ريتشارد الأول في يوم إعدامه في عام 1649 إلى تيجان ارتدتها ملكات وأميرات أوروبا إلى عقد ارتدته مارلين مونرو في عام 1954 وأقراط امتلكتها إليزابيث تايلور ضمن مجموعة مجوهراتها الشهيرة. المعرض يضم نحو 200 قطعة تتراوح ما بين المجوهرات إلى اللوحات الفنية التي صورت استخدام اللؤلؤ خلال العصور وبورتريهات لأرستقراطيات وهن في كامل زينتهن ونماذج فريدة من اللآلئ تتراوح في ألوانها وأشكالها وطرق صياغتها. لنعد إلى استكشاف المعرض إذن.. الرحلة في عوالم اللؤلؤ تبدأ من صيد اللآلئ الطبيعية في منطقة الخليج، وهنا نرى نماذج من الأصداف واللآلئ الفريدة. كما نرى من خلال هذا القسم صورة أعم لصيد اللؤلؤ والطرق والأدوات التي استخدمها الغواصون والتجار في عصور قديمة، وأيضا الصعاب والمخاطر التي تعرض لها الغواصون. من المعروضات هنا أيضا أدوات وزن وتثمين اللؤلؤ استخدمها تجار الخليج. ومن هذا القسم نخرج إلى غرفة تعرض نماذج للاستخدام عبر التاريخ، وهو عرض استعان فيه المنظمون بالصناديق التاريخية لـ«شركة الهند الشرقية»، وهي الشركة التي اشتهرت بالتجارة في الهند وأجزاء الإمبراطورية البريطانية في آسيا. الصناديق تحمل تاريخا ثريا يزيد من قيمة وجاذبية القطع المعروضة داخلها تحت إضاءة خافتة. القطع هنا من العصور القديمة، هناك أمثلة لصياغات رومانية وبيزنطية، ومنها قطع من العصور الوسطى، حيث تغيرت صورة اللؤلؤ من رمز للثراء إلى رمز ديني للنقاء والعفاف. وخلال عصر النهضة ومع حالة الرخاء ظهرت اللآلئ بشكل كبير في المجوهرات، وهو ما نراه من اللوحات المتوفرة من تلك الفترة والمعروضة هنا وتصور نبلاء وتجارا يرتدون أشكالا مختلفة من اللآلئ، سواء على أشكال قلادات أو أقراط أو مطرزة في الملابس. ولا ينقطع الافتتان باللؤلؤ؛ ففي القرن الثامن عشر نرى أمثلة لذلك في لوحات لماري أنطوانيت في فرنسا، والإمبراطورة كاثرين في روسيا، والملكة تشارلوت في بريطانيا. ومن مقتنيات المجموعة الملكية البريطانية نرى عقدا من البلاتين مطعما بالماس واللؤلؤ يعرف بـ«عقد دوغمار»، ويعود إلى الملكة ألكساندرا أهدي إليها بمناسبة زواجها من الملك إدوارد السابع في عام 1863. العقد كما تشير سمبسون من القطع المفضلة لدى الملكة إليزابيث الثانية، وما زالت تحرص على ارتدائه في بعض المناسبات. ومن القطع الملكية المعاصرة هناك تاج ارتدته الأميرة الراحلة ديانا، وأقراط للممثلة إليزابيث تايلور، وعقد لمارلين مونرو أهداه لها زوجها جو دماجيو، وعقد باهر من كارتييه تشير إليه سمبسون قائلة: «عندما نرى هذا العقد البسيط لا نعرف الوقت والجهد المبذولين فيه، كارتييه سافر خصيصا لمنطقة الخليج العربي لانتقاء اللآلئ بنفسه. ليس من السهل انتقاء حبات لؤلؤ متشابهة في الحجم والبريق. عندما نفكر في تاريخ استخراج اللؤلؤ وعدد الغواصين الذي غاصوا في الأعماق بحثا عن اللآلئ، وأيضا عدد الصدف الذي كان يفتح للوصول إلى حبات اللؤلؤ المثالية، نرى أن العملية تحمل الكثير من التفاصيل». وبعد جولة على قطع تاريخية ونادرة استمتعت بها شريحة معينة من الأثرياء والنبلاء، نصل إلى الإنتاج الوفير للؤلؤ الصناعي.. يختتم المعرض بمجموعة من الأواني تحمل أكواما من اللؤلؤ الصيني، في إشارة إلى أن ما استمتع به أقلية في الماضي أصبح في متناول الجميع. هي «دمقرطة اللؤلؤ»، كما تشير سمبسون.