واصلت الشرطة الكينية أمس مداهمتها مساجد في مدينة مومباسا الساحلية، وصادرت قنابل وذخيرة إضافة إلى توقيفها نحو 200 شخص تشتبه في أنهم مرتبطون بحركة الشباب الصومالية المتشددة. وبينما دفعت هذه الحملة المستمرة منذ الأحد الماضي، منظمات من المجتمع المدني إلى التحذير من تداعيات سلبية لها، شدد وزير الداخلية على أن الأمر ليس موجها ضد مجموعة أو ديانة محددة. وداهمت الشرطة أمس مسجد سوافا غير البعيد عن وسط المدينة السياحية الثانية في البلاد، وصادرت عبوات وقنابل حارقة وذخيرة، حسبما أكد قائد الشرطة المحلية ريتشارد نغاتيا. وجاءت هذه المداهمة بعد عمليتين أخريين نفذتا أول من أمس وطالتا مسجدي موسى وسكينة للاشتباه في علاقة عدد من مرتاديهما بـ«حركة الشباب» الصومالية المتشددة وبالتخطيط لهجوم. وأدت تلك العمليات إلى مقتل شاب في العشرين من عمره، حاول بحسب الشرطة إلقاء قنبلة يدوية على قوات الأمن، وتوقيف كثيرين. ووجهت تهمة حيازة مواد متفجرة (قنابل يدوية) إلى 13 من الموقوفين الذين دفعوا ببراءتهم. وقد تم إغلاق المسجدين ووضعا تحت الحراسة الأمنية المشددة، فيما انتشرت الشرطة في المحيط. واعتقلت الشرطة 376 شخصا حتى الآن خلال المداهمات التي بدأت يوم الأحد الماضي، لكن أفرج عن 91 في وقت لاحق لعدم كفاية الأدلة. وقال الادعاء إن 158 سيواجهون اتهامات بالانتماء إلى «حركة الشباب»، بينما قالت الشرطة إنها لا تزال تدرس ما ستتخذه من إجراءات مع باقي المعتقلين. وصرح حاكم مومباسا، نيلسون مروى، بأن السلطات الكينية لن تسمح بأن يدير المسجدين أشخاص مرتبطون بحركة الشباب. وقال: «طلبنا من المسؤولين (الدينيين والسياسيين) في مومباسا مساعدتنا لتشكيل لجنة تدير مسجدي موسى وسكينة لأن الحكومة لن تسمح للشباب باستخدامهما لارتكاب أعمال عنف». وأكد وزير الداخلية الكيني، جوزيف أولي لنكو، في بيان نشر أول من أمس، أن المسجدين كانا تحت سيطرة «مجرمين» بعد أن طردوا رجال الدين المحليين منهما. وأكد الوزير مصادرة قنابل يدوية ومواد لصنع العبوات وأجهزة كومبيوتر تحوي نشرات تدريب على الإرهاب. وشدد على أن العملية ضد هذه المواقع المتشددة مستمرة طالما «لم يتحقق هدفها بضمان أمن البلاد ودور العبادة». وفي محاولة للرد على الانتقادات، أكد الوزير أن المداهمات لا تستهدف أي «مجموعة» أو «ديانة» محددة. لكن العملية أثارت قلق المجتمع المدني في مومباسا - المدينة التي تشهد توترا حادا وتتواتر فيها الهجمات بالقنابل اليدوية منذ أن أرسلت كينيا جيشها إلى جنوب الصومال لمطاردة مقاتلي حركة الشباب في أكتوبر (تشرين الأول) 2011. ولطالما كان الساحل الكيني المأهول بأغلبية مسلمة عرضة لسوء التمثيل في النخبة السياسية الكينية وسكانه ضحايا تمييز. ولذلك، يسود هذه المنطقة شعور كبير بالنقمة تجاه السلطة في نيروبي، عاصمة بلد يؤكد أنه مسيحي بنسبة 80 في المائة. ومنذ سنوات، يعرب مراقبون عن القلق من التشدد الديني في أوساط شباب المنطقة الذين يعانون بطالة كبيرة. وفي أعقاب مداهمات أول من أمس، حذر حسين خالد، من منظمة هاكي أفريكا لحقوق الإنسان على المستوى المحلي، من أن يؤدي استخدام «القوة إلى نتيجة وحيدة هي مضاعفة التوتر وسط أوضاع قابلة للانفجار». وفي السنوات الأخيرة، قتل عدد من الأئمة في مومباسا من المتشددين أو المعتدلين المعروفين بمعارضتهم حركة الشباب. ومن بين هؤلاء 3 رجال دين من مسجد موسى الذي يعد أحد معاقل المتشددين في كينيا، قتلوا رميا بالرصاص في العامين الأخيرين، في عمليات اتهمت قوات الأمن الكينية بتنفيذها. وفي أغلب الحالات، أدت الاغتيالات إلى أعمال عنف تخلل أحدها على الأقل التعدي على كنيسة تخص جيش الخلاص مجاورة لمسجد موسى. وتعد مومباسا بشواطئها البيضاء وجهة مفضلة لدى السياح في كينيا، لكن بعد تكثف الحوادث في السنوات الأخيرة، أوصت عدة دول غربية رعاياها بالامتناع عن التوجه إلى البلاد.