مخلصة لعادتها، أعلنت النسخة الجديدة لدورات الخليج تمسكها بإرثها الذي جعلها على الدوام "مقصلة للمدربين"، فلم تنهِ أسبوعها الأول قبل أن تكشر عن أنياب الإقصاء، حيث كان مدرب المنتخب البحريني، العراقي عدنان حمد أول ضحاياها. وجاءت إقالة حمد عقب الخسارة التي تلقاها منتخبه في الجولة الثانية أمام المستضيف السعودي بثلاثية نظيفة، جاءت إثر تعادل سلبي افتتاحي مع اليمن. ويتوقع مراقبون ألا يكون بعض المدربين الآخرين في منأى عن الإطاحة بهم، في ظل نظرية غريبة سادت كرة المنطقة تتعلق بـ"إحداث صدمة إيجابية" للاعبين، ربما تعود عليهم إيجاباً، فيحققوا عبرها نتيجة أفضل، وهو ما ثبتت صحته مرة ومرات، لكن في المقابل ثبت فشله مرات ومرات. ويبدو مدربا المنتخبين السعودي والعماني، الإسباني لوبيز كارو، والفرنسي بول لوجوين على رأس قائمة المدربين المهددين بالإقالة خصوصا في ظل الانتقادات الكثيرة التي تطالهما حتى قبل انطلاقة الدورة. وعلى الرغم من تخوف كثير من المراقبين من النتائج العكسية التي ربما تترتب على الإطاحة بالمدربين الذين تقف منتخباتهم على بعد شهر ونصف الشهر تقريبا من المشاركة في نهائيات أمم آسيا المقبلة المقررة في أستراليا في يناير المقبل (7 منتخبات من أصل 8 في الدورة تأهلت إلى نهائيات أمم آسيا المقبلة)، إلا أن المسؤولين قد يرضخون للضغوط حتى مع حرج الموقف، وذلك تحت مبررات كثيرة أقلها قاعدة "الصدمة الإيجابية التي تدفع اللاعبين لبذل أقصى ما يستطيعون ليثبتوا أنهم لا يتحملون مسؤولية النتيجة السيئة، ولتلصق تلك النتيجة بظهر المدرب المقال". وكان الاتحاد البحريني قد تعاقد مع حمد منذ أشهر قليلة جدا، وأعلن كلا الطرفين أن الغاية من التعاقد "بناء منتخب للمستقبل"، وذلك بعد رحيل جيل ذهبي للكرة البحرينية صال وجال لعشر سنوات لامس خلالها حلم الوصول إلى نهائيات كأس العالم مرتين ببلوغه الملحق القاري الإقصائي. ولكن الاتحاد البحريني تجاهل هدفه المعلن، وتجاهل حاجة المنتخب والمدرب إلى وقت ريثما يصبح اللاعبون الجدد على الطريق الصحيحة، وسارع لاتخاذ قرار الإقالة، مصدراً بياناً ناقش فيه "الأداء الباهت والنتيجة السلبية للمنتخب في الفترة الأخيرة ومنها مباراتاه في الجولتين الأولى والثانية ضمن المجموعة الأولى لخليجي 22 المقامة حاليا بالرياض". وأكمل البيان بالقول "عرض رئيس الاتحاد موقف المنتخب والمستوى الفني غير المقنع والحاجة إلى وضع الحلول المناسبة قبل مباراة الجولة الثالثة في دورة كأس الخليج وأيضا قبل شهر ونصف تقريبا على المشاركة في نهائيات أمم آسيا بأستراليا 2015، مبينا أن الأهم من الخسارة أن يكون الأداء مقنعا، وضرورة المعالجة النفسية للفريق ليعود كما عهده الجميع يؤدي بشكل جيد وبعزيمة قوية من قبل اللاعبين". تجاهل والغريب أن الاتحاد البحريني تجاهل أن لديه 19 ناديا فقط في الدرجتين الأولى والثانية ما يجعل الخيارات المتاحة أمام المدرب، سواء كان عدنان حمد أو غيره محدودة للغاية، كما تجاهل حاجة المدرب لوقت طويل من العمل للوصول إلى لاعبين يطبقون أفكاره ومنهجيته، خصوصا مع رحيل عدد كبير من المخضرمين الذي كان وجودهم سيضمن نقل التجربة للاعبين الجديد ويسهل مهمة المدرب. على الطريق وعلى خطى حمد، يبدو التهديد جديا بالإطاحة بمدرب الأخضر السعودي لوبيز، في ظل علاقة جافة للغاية تربطه بالإعلام الذي يكيل له الانتقادات، وبالجمهور الذي لا يبدو راضيا أبدا عن عمله مع المنتخب، وقبل كل ذلك بكثير من مسؤولي اللعبة والرياضة في المملكة، وهو ما تجلى أخيرا في تصريحات للرئيس العام لرعاية الشباب وبعض أعضاء اتحاد كرة القدم أوحت أو فسرت على أنها توحي بأن أيام الإسباني لا تبدو طويلة على رأس الجهاز الفني للأخضر. ويأخذ المتابعون على لوبيز عدم استقراره على تشكيل ثابت، وأن هذا أفقد المنتخب السعودي هويته، إضافة للخشية من "الجبن التدريبي" الذي يجعله مترددا حيال اتخاذ قرارات فنية تحقق للأخضر المبادرة الهجومية التي تعد أهم مفاتيح المتعة التي يبحث عنها الجمهور. وغير بعيد عن لوبيز، يبدو مدرب المنتخب العماني، الفرنسي لوجوين مهددا، حيث يتخبط بدوره في اختياراته العناصرية وعدم استقراره، حتى ينطبق عليه ما ينطبق على لوبيز من أنهما "يجربان" على الرغم من أنهما مستقرين في عملهما منذ فترة طويلة. وكانت آخر خطوات لوجوين التي أثارت كثيرا من علامات الاستفهام استدعاءه للمهاجم هاني الضابط (35 عاما) الغائب عن المنتخب منذ سنوات للمشاركة في الدورة الحالية، والذي لا يلعب أساسيا في ناديه، وإن كان البعض قد بررها بغياب الهداف عماد الحوسني، وحاجة المنتخب للاعب خبير يساند المهاجمين المقبالي وسعيد، ناهيك عن التبديلات التي يجريها داخل الميدان والتي لا تجد لها مبررات فنية مقبولة، حتى أنه هو نفسه يتراجع عنها داخل الميدان وفي المباراة ذاتها.