يمكن للمواطن أو المقيم أو الزائر للبلاد أن يشهد تطوراً ملحوظاً؛ يستحق التقدير، في الخدمات المختلفة التي تقدمها وترعاها الإدارة العامة للجوازات بالمملكة، بدءاً من المظهر الخارجي، وصولاً إلى الأهم في مجال التقنيات والتطبيقات الإلكترونية. ولأول مرة يمكن لنا أن نقول إن قطاعاً بحجم الجوازات حقق جانباً مهماً من العبارة التقليدية التي تتقلدها القطاعات الحكومية، وهي بعيدة عنها تماماً: «إن جميع الخدمات المقدمة هدفها راحة المواطن والمقيم»، وهي عبارة يحققها جهاز الجوازات السعودية على الواقع. هذا القطاع يستمر في تقديم خدمات جديدة «تبشرنا» بعمل ينفَّذ بشكل جيد في أحد القطاعات الحيوية، وتوّج ذلك بفوزه بجائزة الإنجاز للتعاملات الإلكترونية الحكومية في برنامج التعاملات الإلكترونية الحكومية (يسّر) بدورتها الثالثة، عبر خدماتها الإلكترونية (أبشر) في فرع تقديم خدمة أفضل لأفراد المجتمع (حكومة - أفراد)، و(مقيم) في فرع تعزيز الاقتصاد الوطني (حكومة - أعمال). الجوازات تسعى بشكل واضح للتيسير لا للتعقيد، وتهدف إلى إلغاء المراجعات لمقارها، ورفع العناء عن المراجع. وقد نجحت في ذلك لحد كبير بشهادة تفوق من الجمهور قبل الجوائز، التي جاءت تتويجاً لها. الحقيقة إن وزارة الداخلية هي من أكثر الوزارات والأجهزة الحكومية تنفيذاً وتطبيقاً للتقنية في جوانب مختلفة من تعاملاتها الإلكترونية. وعلى عكس السائد، فإن هذا الجهاز الأمني الضخم هو الأكثر انفتاحاً على التقنية وتطبيقاتها من أي جهاز حكومي آخر، بما فيها أجهزة خدمية مباشرة، كلكم تعرفونها جيداً.. في منظومة وزارة الداخلية يوجد جهاز استثنائي بشكل مختلف، استثنائي في صورته الذهنية وبعض تبلُّده المعروف والخطر.. وأعني قطاع المرور. هذا القطاع الذي يفترض أن يراقب الناس وسلامتهم وأرواحهم والنظام، وحقوق الطريق، لا يزال بعيداً عن ذلك، ويؤدي الحد الأدنى من الواجب! قبل الخدمات الإلكترونية يحتاج هذا الجهاز إلى تطبيق صارم لأنظمته أولاً، ولتفعيلها للحد من الفوضى القاتلة في المدن؛ إذ إن الإشارات المروية، وكذلك العلامات، لا اعتبار لها، في ظل غياب العقاب الصارم. إنه بحاجة ماسة إلى إعادة صياغة وهيكلة وتجنيد وتدريب وتأهيل؛ ليكون على الأقل قادراً على ضبط فوضى الشوارع، والحد من المأساة اليومية في الطرق، التي تتحول إلى حلبات للموت، في ظل فلتان غير مبرر. طبعاً، لا تنسَ وأنت تسير في شوارعنا الرئيسية أن البلديات أو الأمانات أو النقل تستخدم لتخطيط الشوارع والمسارات أقلاماً سحرية؛ إذ لا يمر وقت إلا وتختفي؛ ليصبح على السائق الملتزم أن يتعرف على بقايا تلك الخطوط السرية! لكن تلك حكاية أخرى. قطاع المرور في المملكة بحاجة إلى نهضة (إدارية - ذهنية)، شاملة وصارمة شكلاً ومضموناً، حتى وإن تطلب ذلك رفع قيمة المخالفات والرسوم، مع حزم شديد في تطبيق المخالفات، ودعم كوادره باستمرار. وهو قطاع قادرٌ على تطوير نفسه، وتوظيف الآلاف عبر الرسوم التي يتحصل عليها الآن، وعبر رفع رسوم المخالفات متى ما طُبقت بحزم وجدية.. جدية تعكس مستقبل هذا الجهاز لفرض النظام المروري. أقسام المرور لا تسر زائراً أو مراجعاً أو موقوفاً؛ أثاث متهالك، أكواب شاي فارغة ووجوه عابسة.. كل شيء في المرور يعكس حالة الفوضى التي يعيشها هذا القطاع، الذي يحتاج بالتأكيد إلى خطة إنقاذ وطنية لإنقاذ سلامتنا.. ولتكون «جميع الرسوم المقدمة هدفها سلامة المواطن والمقيم»..!