تتحرك جهات حكومية مختصة لمعالجة الهجرة المتزايدة لسكان وسط العاصمة الرياض إلى أجزاء أخرى من المدينة نتيجة لعدد من الظواهر السلبية الأمر الذي أدى لتراجع الحالة العمرانية وسط المدينة مما خلق معه فراغا سكانيا كبيرا وسط المدينة شجع العمالة من جنسيات مختلفة على استيطان المنطقة وتغيير الاستعمالات السكنية فيها بأخرى مساندة للأنشطة التجارية مثل المستودعات نظراً لانخفاض الإيجارات المتواكب مع تردي الحالة العمرانية هناك الأمر الذي أثر سلباً على دور وسط المدينة ووظيفته الرئيسية كقلب نابض للعاصمة وبيئة سكنية واقتصادية وسياحية جاذبة. وتسعى الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض عبر حزمة خطط وبرامج شاملة تعمل على تنفيذها حالياً إلى تشجيع السكن والاستثمار والعمل وسط الرياض من خلال برنامج تنفيذي لهذه الخطة يهدف الى تطوير وسط مدينة الرياض وتحويلها إلى مركز تاريخي وإداري واقتصادي وثقافي على المستوى الوطني بعد أن تمت دراسة وتحليل الأوضاع الراهنة للمنطقة ووضع رؤية مستقبلية لتطويرها، بمشاركة مختلف الجهات ذات العلاقة من القطاعين العام والخاص إضافة إلى الملاّك من المواطنين. الحفاظ على الأنشطة التجارية في البطحاء وشارعي آل سويلم والعطايف وإشراك المواطنين وملاك العقارات في التطوير مواقع بديلة للمستودعات وسكن العمالة.. زيادة فرص العمل وسط المدينة.. تحسين شبكات الطرق وتكثيف الأنشطة حول محطات المترو وكشفت ملامح الخطة عن توجه رسمي في هذا الإطار لزيادة الاستعمال الحكومي في المناطق القريبة من قصر الحكم لتتضمن المزيد من مقرات المؤسسات الحكومية التي تتواءم في وظائفها كالأجهزة الإدارية والمحاكم، في الوقت الذي سيجري فيه توسيع نطاق الاستعمال الحكومي في المنطقة ليشمل إنشاء مؤسسات إعلامية بالقرب من مجمع وزارة الثقافة والإعلام تضم مقر هيئة الإذاعة والتلفزيون، إضافة إلى إنشاء مؤسسات تعليمية وثقافية إلى الشمال والغرب من مركز الملك عبدالعزيز التاريخي، وهو ما من شأنه المساهمة في زيادة فرص العمل للمواطنين في المنطقة، وبالتالي دعم التوجه لجذبهم للعمل والسكن فيها. وأكدت خطة التطوير على الدور الرئيسي لمنطقة وسط الرياض كمركز إداري للعاصمة وبالتالي العمل على تعزيز هذا الدور، وحدد برنامج التطوير الذي اعُلن عن انطلاقته قبل عام وتحديدا خلال الاجتماع الثاني للهيئة لعام 1434ه، حدد منطقة وسط مدينة الرياض بالمنطقة المحصورة بين شارع الوشم متصلاً بطريق عمر بن الخطاب شمالاً، وطريق الخرج شرقاً، وشارع عمار بن ياسر متصلاً بشارع الأعشى جنوباً، وشارع الإمام عبدالعزيز بن محمد غرباً، وبمساحة تقريبية تبلغ 15 كيلومترا مربعا. وتنظر الهيئة لهذه الخطة بمثابة البوصلة الرئيسية التي توجّه التطوير المستقبلي لوسط المدينة الذي يمثل المركز السياسي والإداري لها حيث يضم قصر الحكم ومقرات حكومية مختلفة وعدد من المؤسسات الثقافية والتراثية الوطنية كما تمارس هذه المنطقة دوراً اقتصادياً مهماً على مستوى المدينة باعتبارها منطقة نشطة بالحركة التجارية، ولا تزال هذه المنطقة تحافظ على تميزها بالأنشطة التقليدية والمتخصصة حتى الوقت الحاضر، وبالرغم من الأوضاع التي تعاني منها إلا إنها لا تزال تمتلك عوامل القوة والفرص المتاحة لدعم نجاح تطويرها بما يتناسب مع الرؤية المستقبلية للمدينة، وتعالج الخطة أوضاع وسط المدينة الراهنة بشكل يوظف الفرص المتاحة فيها، ويحولها إلى بيئة جاذبة للإقامة والعمل والاستثمار ويحافظ على المباني التراثية والتاريخية في المنطقة، ويشجع على عودة المواطنين للسكن فيها، ويوفر لفئة الشباب احتياجاتهم المعاصرة، وتعمل الخطة على تحقيق مجموعة من العناصر تشمل المحافظة على التراث العمراني والثقافي، والمحافظة على الأنشطة التجارية القائمة وزيادة فرص العمل، والتنويع في أنماط المساكن وتحقيق التوازن الاجتماعي والسكاني، والتوسع في المناطق المفتوحة، وتعزيز الأمن الحضري، إضافة إلى تحسين شبكة الطرق والمرافق العامة في كامل المنطقة. وتتمحور أبرز ملامح الخطة حول تطوير الإسكان في عدد من أحياء وسط المدينة، وإعادة تطوير الأحياء السكنية بكثافات ووحدات سكنية مختلفة بهدف زيادة عدد السكان من المواطنين في المنطقة وتعزيز الأمن الحضري وتحسين جودة الحياة في المنطقة، حيث يجري التنسيق بين هيئة تطوير الرياض ووزارة الإسكان لتطوير مشاريع للإسكان في وسط المدينة ضمن مواقع حددتها الخطة وذلك لمساندة جهود الوزارة في تطوير وإنشاء مشاريع الإسكان في وسط مدينة الرياض، كما تركز الخطة على تعزيز الأنشطة التجارية في المنطقة، حيث عززت مناطق الاستعمال المختلط على الشوارع الرئيسية مع تركيز وتكثيف الاستعمال المختلط حول محطات القطار للاستفادة القصوى من النقل العام، واستحداث العصب الرئيسي للأعمال والسياحة كمحور جديد للاستعمالات المختلطة والترفيهية بين طريق البطحاء وشارع الملك فيصل يتضمن تنوعاً في الاستعمالات وزيادةً في الارتفاعات والكثافة مع إيجاد منطقة للخدمات السياحية والفنادق الجديدة في وسط المدينة. ويجري وفق الخطة الاحتفاظ بالنشاط التجاري في منطقة البطحاء مع تحسين الأماكن العامة والممرات والخدمات، وتحديد أنواع النشاط المناسب للبقاء والأنواع التي يفضل نقلها إلى أجزاء أخرى من المنطقة أو المدينة، مع الحفاظ على مواقع الأنشطة التجارية التي تخدم على مستوى المدينة ومنها الأنشطة الواقعة على شارع آل سويلم وشارع العطايف. واشتملت الخطة على برنامج تنفيذي اكد على ضرورة وجود دور حكومي مباشر لدفع التطوير وإحداث التغير في المنطقة وخصوصاً في المراحل الأولى من التطوير وذلك من خلال مجموعة من الآليات التنفيذية التي تعمل بشكل متوازي تتكون من تنفيذ مشاريع ومبادرات حكومية مثل تطوير خطوط النقل العام وفتح الطرق والمناطق المفتوحة وغيرها، وكذلك العمل على إنشاء شركة تطوير حكومية تتولى مسؤولية إدارة وتطوير المنطقة، وتقوم بتحديد أولويات التطوير، وإعداد المخططات التفصيلية، وتشكيل لجنة عليا تتولى الإشراف والمتابعة لتنفيذ الخطة، بالإضافة إلى تنفيذ إجراءات للمعالجة على مستوى المدينة من شأنها تسهيل عملية التطوير ومعالجة القضايا التي تعاني منها المنطقة مثل توفير مناطق بديلة لاستعمال المستودعات ومناطق لسكن العمالة ووضع حلول لشبكات الطرق والإدارة المرورية لتسهيل الوصول إلى المنطقة، إضافة إلى تحديد حزم استثمارية يمكن أن تنفذ بواسطة مؤسسات القطاع الخاص والعمل على إشراك ملاك العقارات في المنطقة وصغار المطورين من خلال تحفيز التطوير الفردي. وفي جانب النقل، تم وضع خطة متكاملة لتطوير منظومة النقل في المنطقة تشمل تأهيل الطرق المحيطة بالمنطقة لتشكل طريقاً دائرياً يحيط بكامل المنطقة، واستحداث طرق داخلية جديدة، وتأهيل التقاطعات، وتحسين بيئة حركة المشاة، وتخصيص مواقف للسيارات في كافة أجزاء المنطقة، وتمتد مسارات مشروع النقل العام (القطار والحافلات) الذي يجري تنفيذه في مدينة الرياض إلى وسط المدينة، عبر مرور(3) خطوط رئيسية للقطار تشمل (مسار محور العليا – البطحاء)، و(مسار طريق المدينة المنورة)، و(مسار طريق الملك عبدالعزيز)، إضافة إلى مسارات شبكة الحافلات، واحتضان المنطقة لواحدة من محطات القطار الرئيسية عند تقاطع طريق المدينة مع شارع الملك فيصل، كما شملت خطة تطوير المنطقة في الجانب التراثي والثقافي اعتبار المنطقة داخل أسوار الرياض القديمة "منطقة ذات ضوابط خاصة"، واستعادة ذاكرة الرياض القديمة عبر المحافظة على المباني التراثية من خلال مشروعي تطوير الظهيرة والدحو، واستحداث مسار ثقافي تراثي سياحي يمتد من مركز الملك عبدالعزيز التاريخي شمالاً وحتى "القرية التراثية" في حي الشميسي جنوباً، مرورا بالمعالم التراثية والثقافية والترفيهية في كل من الظهيرة والدحو ومنطقة قصر الحكم ومتنزه سلام. وتعتبر هذه الخطة بمثابة "خطة عمل مشتركة" لكافة الأطراف المعنية بالتطوير في المنطقة حيث تمثل المرجعية لكافة الأطراف المعنية بالتطوير في المنطقة لتنفيذ خططها وفق الأولويات والمراحل الزمنية الواردة في هذه الخطة، وستساهم هذه الخطة في صياغة مستقبل جديد لكامل المنطقة يعيد مكانتها الطبيعية.