لا نعرف ماذا يحتوي مشروع النظام المقترح من لجنة الإدارة والموارد البشرية بمجلس الشورى لحماية المال العام، وقد أعاد المجلس مشروع النظام إلى لجنة خاصة للدراسة. كل ما نعرفه هو أن النظام مكون من ست وعشرين مادة موزعة على خمسة فصول. عندما يصدر النظام، بعد سلسلة الخطوات التي قد تأخذ وقتاً طويلاً، يُفترض أن يكون واحداً من أهم الأنظمة في البلاد. فحماية المال العام من اللصوص ومن عبث العابثين هي «أم القضايا» ليس عندنا في هذه البلاد فحسب وإنما في جميع بلدان العالم. سبب ذلك هو الشفافية المتزايدة التي أصبحت مطلباً يتجاوز الحدود الوطنية بعد شيوع العولمة، بالإضافة إلى أنه مطلب وطني داخل كل دولة. فالمستثمر الأجنبي الذي يفكر في ضخ أمواله إلى أي دولة في أي قارة من قارات العالم يريد أن يتأكد قبل إقدامه على ذلك، أن هناك أنظمة تحميه وتحمي المال العام من اللصوص والمرتشين، وأن البيئة القانونية في تلك الدولة سليمة وأن الإجراءات واضحة والنظام المالي شفاف، لأن غياب تلك العناصر يمثل البيئة الخصبة للفساد. لكن وجود نظام لحماية المال العام لا يعني شيئاً ما لم يكن ذلك النظام متكاملاً من حيث تغطيته لكل الأوجه المحتملة للفساد في التعامل مع المال العام. وهناك سببان، على الأقل، يحتمان أن يأتي ذلك النظام متكاملاً: السبب الأول هو أنه لو جاء النظام مثقلاً بالثغرات والعيوب فإن إصلاحه واستصدار نظام جديد سوف يستغرق سنواتٍ طويلة كما هي العادة في إصدار أو تعديل الأنظمة، وما يقتضيه ذلك من خطوات تنظيمية وتنفيذية طويلة ومعقدة. أما السبب الثاني فهو أن صدور نظام غير متكامل سوف يجعل من ذلك النظام مدخلاً لارتكاب المخالفات، من خلال الثغرات التي سوف تتيح للفاسدين ممارسة فسادهم، تحت مظلة قانونية توفر لهم الحماية، بعكس ما أراد المُشَرِّع من النظام. لذلك، ورغم الحاجة إلى نظام لحماية المال العام، أتمنى ألاَّ يأتي النظام «مسلوقاً» ومتسرعاً، فنحن بحاجة إلى هذا النظام المهم دون أن نقايض «كمال» النظام بـ«سرعة» إصداره.