في تحول جديد في سياسة كابول تجاه إسلام آباد بعد سنوات من التوتر والاتهامات المتبادلة، أكدّ الرئيس الأفغاني أشرف غني أهمية الشراكة مع باكستان، وكونها أحد أهم أعمدة السياسة الخارجية لحكومته. وشدد على أن العداء الذي استمر طوال الأعوام الـ 13 الماضية وضع حداً له خلال زيارته العاصمة الباكستانية التي استمرت 3 أيام. وأعلن غني في مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف توقيع مشروع لنقل الطاقة عبر بلاده من طاجيكستان إلى باكستان، التي ستتزود بألف ميغاواط من الكهرباء في مرحلة أولى، ومشروع آخر لمدّ خط أنابيب غاز من تركمانستان عبر بلاده إلى كل من باكستان والهند بكلفة تتجاوز 7 بلايين دولار، يوفرها البنك الدولي ومجموعة مصارف عالمية. كما وقّع وزيرا المال في البلدين اتفاقاً لمضاعفة التبادل التجاري وصولاً إلى 5 بلايين دولار سنوياً. وأكدّ شريف اهتمام بلاده بإقامة علاقات قوية مع أفغانستان «تُبنى على الاحترام المتبادل والسيادة وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية، وتشكّل مفتاح السلام والتنمية في المنطقة»، داعياً إلى حوار أفغاني داخلي بين السلطات وحركة «طالبان» بعيداً من التدخلات الخارجية، مع استعداد حكومته دعم هذا الحوار، علماً أن القوات الأجنبية ستنسحب من أفغانستان نهاية السنة. وتناولت محادثات غني في باكستان شؤون الأمن والتعاون المشترك لإدارة حدود البلدين الممتدة على مسافة 2400 كيلومتر في مناطق جبلية وعرة، وكذلك تدريب الجيش الباكستاني القوات الأفغانية، ما يمثّل نقلة نوعية في علاقات البلدين التي اتسمت بالشك والاتهامات المتبادلة خلال السنوات الأخيرة. وظهر التعاون الأمني قبل مغادرة غني إسلام آباد، إثر صدّ قوات مشتركة من البلدين مجموعة مسلحة في بلدة أروندا في منطقة تشترال الحدودية. وقتل المهاجمون عنصري أمن أفغانيين، فيما جُرح شرطيان باكستانيان ومدنيان قبل أن تقتل القوات الباكستانية والأفغانية في تعاون نادر المسلحين. وتعوّل حكومة نواز شريف على الهدوء على حدودها مع أفغانستان وتنمية العلاقات التجارية بين البلدين والوصول إلى أسواق دول وسط آسيا، بينما تعوّل حكومة الرئيس الأفغاني أشرف غني على التعاون الباكستاني معها للحصول على الاستقرار والسلام بعد انسحاب القوات الأجنبية من البلاد. إلى ذلك، يزور قائد الجيش الباكستاني الجنرال راحيل شريف واشنطن للمرة الأولى بعد تسلّمه قيادة الجيش قبل نحو سنة. وتتطلع الإدارة الأميركية إلى هذه الزيارة خصوصاً بعد الهجوم الواسع التي بدأه الجيش الباكستاني ضد المسلحين في شمال وزيرستان، والذي كان قائد الجيش السابق الجنرال كياني يرفض شنّه، ما أدى إلى توتر العلاقات بين البلدين وتهديد واشنطن بقطع المساعدات العسكرية عن الجيش الباكستاني التي تصل سنوياً إلى 950 مليون دولار. وكان الجنرال جوزيف إندرسون أحد قادة قوات الحلف الأطلسي في أفغانستان وصف هجمات الجيش الباكستاني في المناطق القبلية بالمهمة لإسلام آباد وتريح القوات الدولية لاسيما أنها شملت الجماعات المسلحة بما فيها شبكة حقاني، التي قصم ظهرها كما أعلن إندرسون. وأدت هذه العمليات إلى تخريب خطط الشبكة لمهاجمة القوات الأميركية أو العاصمة الأفغانية.