كان لابد أن يكون اسمه "بحاح"، فقد بات صوته مرشحًا للبح، إن لم يكن "بُحَّ" بالفعل من هول ما رآه، وسوف يراه من خلاف وانقسام! إنه رئيس الوزراء اليمني الجديد خالد محفوظ بحاح، الذي ستواجه حكومته مجلسًا نيابيًّا يحركه الرئيس السابق علي صالح، وأمنًا شرسًا تحركه أصابع الحوثيين! والحق أن المرء لم يعد يحار في خريطة التحالفات العربية العربية من جهة، والداخلية المحلية من جهة أخرى، فمَن كان يتصوّر يومًا أن ثمة تحالفًا وثيقًا سيخرج للعلن بين الرئيس صالح والحوثيين؟ وبماذا نفسر أو نعلل أو نبرر هذا التحالف؟ وما هي طبيعته وحجم قوته ليس الآن فقط، وإنما أيام صالح؟!. ومنذ أمس الاثنين وربما قبل أداء قسم حكومة بحاح أعلن حزب صالح مقاطعته للحكومته، وأبدى الحوثيون استياءهم منها باعتبارها "حَوَت" بعض الوجوه، رغم تورطها في ملفات فساد! وزادت الجماعة في الغزل الصريح فعبّرت عن رفضها للعقوبات الصادرة من مجلس الأمن بحق صالح واثنين من قادتها!. في الجهة الأخرى، شن الحراك الجنوبي هجومًا حادًّا على الرئيس السابق صالح واصفًا إيّاه بـ"مجرم حرب"، معلنًا تشكيل لجان شعبية لمواجهة التمدد الحوثي! هكذا تمضي خريطة التشابكات اليمنية.. حوثيون يقتربون بل يحتضنون صالح، وجنوبيون يرفضوهما، وفي صنعاء يصرخ بحاح، وسيصرخ أكثر من هول ما سوف يراه.. ولا أراه الله مكروهًا في عزيز لديه. قريبًا من ذلك، حكمت المحكمة الدستورية العليا في ليبيا بحل البرلمان، لكن البرلمان رفض، وبادر في أول قرار له بعزل "مفتي البلاد".. أي بلاد؟! طرابلس، أم بنغازي، أم طبرق؟. وفي ذلك يقول الأستاذ "الثني" إن البرلمان -تصوّر معي- أعاق بناء الجيش.. وأن الشعب -تصوّر- قرر أن يخوض معركته منفردًا.. يقودها ضد مَن؟! الإجابة السهلة والمفحمة: ضد "الإرهاب".. ويا ويله مَن يعترض على مواجهة "الإرهاب".. لكن المشكلة أن الطرف الآخر.. طرف الحكومة الجديدة يقول هو الآخر إنه يقاوم "الإرهاب"، وأن جيشها الذي هو جيش الشعب على أهبة الاستعداد.. لكن البرلمان الذي هو مجلس النواب يقول إن الجيش الليبي -الذي هو جيش آخر- أيضًا على أهبّة الاستعداد!. هكذا نحن الآن في ليبيا.. حكومتان ومجلسان وجيشان ومفتيان وشعبان.. والنتيجة الجهنمية.. الهوان.. الهوان!. في السودان شيء من ذلك، وفي العراق طبعا، وفي سوريا ما هو أسوأ، وفي لبنان، وعلى مسافة قريبة جدًّا يمضي كل شيء باتّساق.. إسرائيل لا تكتفي بمزيد من الاستيطان.. لا تكتفي بتهديد وإهانة الأقصى كل يوم.. نتنياهو يهدد علنًا -الآن- بسحب الجنسية عن فلسطينيي 48 قائلاً: إن إسرائيل دولة قانون! نعم إنه القانون الجديد القديم الذي ترتع إسرائيل من خلاله على مدار السنين. شيئًا فشيئًا وبعد حماس والجهاد، وغيرهما من حركات نضالية، ولا أقول جهادية، تصبح فتح ذات نفسها إرهابية!. وفي ذلك يقول نتنياهو: إن الموقع الرسمي لحركة فتح نشر أن شعب إسرائيل لم يكن ذات مرة هنا، وإن بيت المقدس لم يكن هنا ذات مرة، وإن ملوك إسرائيل والأنبياء أسطورة.. وهذه من وجهة نظر نتنياهو محاولة واضحة ليس فقط لتشويه "الحقيقة الحالية، وإنما الحقيقة التاريخية" أيضًا. والحقيقة يا بنيامين باختصار أن لديك كل الحق ليس في هرطقاتك ولا تحدياتك واستفزازاتك، وإنما في عربدتك أيضًا، طالما لدينا في ليبيا جيشان، وفي اليمن مثلهما وأكثر، وفي السودان، وفي سوريا، والعراق، ولبنان!. لديك حكومة واحدة تناور وتمثل وتحاور وتختلف وتأتلف لكنها "إيد واحدة" بالفعل، وما أكثر الأيادي العربية التي كانت تُرفع "إيد واحدة" في الميادين قبل أن تصبح "إيد واحدة" لصالح إسرائيل. sherif.kandil@al-madina.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (41) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain