قررت سلطات مدينة نيويورك تخفيض السرعة القصوى المسموح بها على طرقات المدينة إلى 40 كلم في الساعة، وذلك بهدف تقليص عدد الحوادث المرورية. في شوارعنا يستحيل أن يكون الحد الأدنى للسرعة 40 كلم، ناهيك عن أن يكون الحد الأقصى!، العداد يبدأ عندنا منذ المائة فما فوق، ولو طبق هذا القرار عندنا، فإن ساهر سوف يصبح أغنى من أرامكو!. نحن مستعجلون أكثر من سكان نيويورك!.. يا للعجب؟.. كل هؤلاء النيويوركيين الذين يقودون سياراتهم بسرعة 30 كلم ليس لديهم أعمال عاجلة مثلنا.. نحن ننتحر في الطريق كي نلحق بـ(صكة بلوت)، ونضغط على دواسة البنزين كي نلحق على مباراة كرة قدم منقولة في التلفزيون، رجال الأعمال في نيويورك.. العلماء.. مبرمجو الحواسيب.. الدبلوماسيون في الأمم المتحدة.. كل هؤلاء لا يملكون ذرة من حجم انشغالنا!. حتى في نقاشاتنا الفكرية تكاد أن تفتك بنا العجلة، مستعجلون ومتحمسون للقفز إلى نقطة الخلاف قبل أن يبدأ الحوار، وكذلك الأمر في كرة القدم نستعجل الوصول إلى نقطة الصدام كي نكتسب حرية أكبر في الشتم والتجريح، ومن هنا نشأت عادة (الدرعمة)، حيث لا وقت لفهم الموضوع وتحليله ثم اتخاذ موقف منه، بل استعجال في الرد وارتجال في الفهم وإزعاج من غير فائدة. والغريب حقا أن استعجالنا هذا لا يؤدي إلى سرعة تطور أحوالنا وتغيرها كما هو الحال في الأمم التي (تسوق على مهلها)، بل على العكس نحن واقفون عند النقطة ذاتها وندور حولها بسرعة صاروخية حتى داخت رؤوسنا! ** في حفلة الاستعجال العامة، ووسط تسارع الأحداث، فات علينا أن نحيي الدكتور عبدالعزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام السابق بعد مغادرته للمقعد الوزاري، وله منا كل الشكر، فقد كان صديقا للإعلاميين والصحفيين، وكانوا يشعرون صدقا بأن معاليه (منهم وفيهم) وليس وزير القطاع الذي يعملون فيه وتكثر في جنباته الأحراش والأسلاك الشائكة وحقول الألغام، شكرا جزيلا يا دكتور خوجة.. وأهلا بك معنا مرة أخرى في دنيا الثقافة والإعلام.. عالمك قبل المنصب وعالمك بعده بالتأكيد. نقلا عن عكاظ