لو قلّبنا صفحات منتخبات الخليج التي ستشارك في الرياض، وسألنا: هل يوجد في المنتخبات المشاركة لاعبون يشبهون نايف هزازي أو ناصر الشمراني؟ ربما كانت الإجابة: لا، لدى الأغلبية. ولو سألنا: هل يوجد لاعب خليجي حاليا يشبه المدافع السعودي عمر هوساوي؟ ربما أجاب الكثيرون أيضا بـ "لا". ناهيك عن أسماء أخرى مثل فهد المولد، تيسير الجاسم، العابد، الشهري، الدوسري، وبصاص، كل هؤلاء يتفوقون على أقرانهم الخليجيين مهارة تقنية وتكتيكية. إذا استثنينا الإماراتي عمر عبدالرحمن، والعُماني علي الحبسي فإن كل لاعبي المنتخب السعودي يتفوقون في ميزان الفردية على أقرانهم الخليجيين. بعد كل هذا، هل يمكن التسليم بأن مونديال الرياض الخليجي محسوم لمنتخبنا؟ الإجابة أيضا: لا. لماذا ما دام المنتخب الأخضر تتوافر لديه نخبة من اللاعبين المميزين؟ ماذا ينقصه؟ منذ أن غاب نجوم الأزرق الكويتي في الثمانينيات عن المحفل الخليجي، مالت الأفضلية الفردية دائما للاعبي الأخضر السعودي، ورغم ذلك لم ينجح السعوديون في الفوز باللقب الخليجي إلا ثلاث مرات فقط، مقابل الضعفين وأكثر للكويتيين، متساوين مع العراق التي لم تشارك كثيرا، ومتقدمين على الإمارات وقطر صاحبتي اللقبين وعمان بلقب واحد. وطوال سنوات عديدة ظل السؤال معلقا: لماذا نخسر كأس الخليج ونحن الأفضل؟ أعتقد أن الجواب يأتي من السؤال نفسه، كأس الخليج عقدة للمنتخبات السعودية على مر التاريخ، لأن كل البعثات السعودية التي شدت الرحال إلى البطولة كانت تبلع الطعم النفسي ولا تجيد التعامل معه، في كل مرة يذهب السعوديون إلى عاصمة خليجية للمشاركة، تسبقهم الترشيحات، واللاعب السعودي على مر التاريخ يفتقد التحضير النفسي الذاتي فيغريه الثناء حتى يصطدم بالواقع. منتخبنا الحالي مرشح قوي لنيل لقب البطولة، متى ما احترم قدرات منافسيه خارج الملعب وداخله، ومتى ما أعطى لاعبوه جهدا يوازي السمعة التاريخية للفريق الأخضر. لا نريد من ناصر الشمراني إلا أن يكون ناصر الهداف الخطر، ولا نريد من هزازي إلا أن يكون الشاب الجسور الطموح الذي يقول دائما أستطيع .. ويستطيع، ونريد من هوساوي أن يكون الوحش المدافع المخيف. .. وحتى لا تتكرر مشكلات صغيرة تافهة تنخر في جسد المنتخب، على لاعبي الخبرة، أسامة هوساوي، تيسير، كريري، ناصر، أن يحسنوا إدارة المجموعة واحتواء أي مشكلة تبزغ في أركان الأخضر، وعدم الصمت حتى استفحال الأمر وتفجره كما حدث في خليجي البحرين قبل عام ونصف. لا أراهن كثيرا على لوبيز كارو قائد الدفة الفنية في أخضرنا، فالرجل شغوف بالابتكارات، يحب أن يلعب بالظهير وسطا، وبالمدافع محورا، وكأنه يقول لنا لا أحد يفهم كرة القدم بينكم مثلي، ولكني أراهن على غيرة نجومنا وحماسهم ودفاعهم عن ألوان شعار البلاد، ومتى ما استحضروا ذلك في أذهانهم كل دقائق المواجهة فلسنا بحاجة إلى لوبيز وأفكاره. طوال ثمانية أعوام ومذ لعبنا في مونديال 2006، ونحن ندور في دوائر من الفشل اللامنتهي للمنتخب الأول، تطاول الصغار على منتخبنا، وسقطنا في أفخاخ الهزيمة المؤلمة غير مرة، وذابت غيرة النجوم على الشعار، حتى أصبح اللون المحلي طاغياً على الألوان الدولية، وتبادلنا التهم، فلم يعد للحوار جدوى أو فائدة، والحل اليوم بيد هؤلاء اللاعبين. بيد وليد، الهوساويين، المولدين، الجاسم والشهري والشهراني، بصاص، الدوسري والشمراني وهزازي وفلاتة، هؤلاء فقط يستطيعون الآن أن يقولوا لكل المتابعين إن الأخضر ما زال حيًّا، وهذه البطولة برهان حياته، افعلوها يا رجال بلادنا، افعلوها فما عاد في الجسد مكان لجرح، أو أعلنوا وفاة الأخضر،