من القلب نشكر كل من واسانا وعزانا وساندنا في ضحايانا من أبنائنا الشباب الذين قضوا نحبهم ظلما وعدوانا وغدرا على أيدي المجرمين والآثمين، ونشكر كل من تضامن معنا في هذا المصاب الجلل سواء من داخل المملكة أو خارجها، وعزاؤنا للوطن الذي فقد في أيام معدودة مجموعة من شبابه المخلصين ومن أبنائه الذين كانوا يؤدون واجبهم لملاحقة المجرمين. شبابنا وأبناؤنا كانوا يؤدون شعائرهم الدينية المعتادة في موسم عاشوراء كما هو حالهم في كل عام، ولم يكن يدور في خلدهم أن هناك من يترصدهم ليحصد أرواحهم البريئة التي كانت تعزي أهل البيت في مقتل الإمام الحسين، وأن هناك من ينوي بهم وبالوطن شرا. رسائلنا كانت ولا تزال واضحة وتحمل ذات المضامين الإنسانية المملوءة بالمحبة للجميع والغيرة على الوطن والالتزام بمناهج وتعاليم أهل البيت الداعية للتسامح والتواصل والاندماج. فللمجرمين نقول: إنكم أردتموها فتنة بين مكونات مجتمعنا، وأحببتم أن تفرغوا نيران غضبكم وتبرزوا أسوأ ما لديكم من ممارسة للإرهاب ضد الأبرياء، ولكن كل كيدكم عاد عليكم، فنحمد الله أن تمكنت قوات الأمن من القبض على هذه العناصر. لقد كشفتم عن مرضكم وغيظكم وسوء فكركم وضلالتكم، وأثبتنا لكم أننا جميعا سنقاوم كل فكر أو عمل إرهابي، ونتعاون جميعا يدا بيد لضرب الإرهاب وعناصره. وللوطنيين الشرفاء من كتاب ومثقفين وعلماء، نعزز هذه المواقف النبيلة التي اتخذتموها، التي خففت عنا الآلام والأحزان، فوقفتكم الوطنية هذه جعلتنا جميعا نعود للالتفاف حول وطننا وقيادتنا، ونتسامى فوق آلامنا وأحزاننا من أجل وطن نحبه ونفديه بأرواحنا. ونقول للمزايدين على وطنيتنا وولائنا، والمستهترين بدماء أبنائنا كفاكم دناءة وتبجحا ومزايدة، فالوطن وطننا جميعا سنة وشيعة وكلنا فيه سواء، فكفوا عن الهمز واللمز واحتكار الدين والوطن والوصاية على الآخرين. وللمحرضين على الفتنة وبث الحقد والكراهية نقول، إنكم السبب وراء اشتعال مثل هذه الفتن، وإن قنواتكم وخطبكم ومنابركم كانت ولاتزال هي الأدوات التي بررت وشرعنت هذه الأعمال الإرهابية وغيرها. كل واحد منكم كان ولا يزال يبحث ويكرر مرويات وحوادث وقضايا تفرق الصفوف وتؤلب النفوس، وحولتم الدين إلى مصدر فرقة وشحناء بدل أن يكون منبع حب وسلام. وللمسؤولين في الدولة نتقدم لكم بالشكر على حضوركم وتقديم التعازي ومشاركتكم لنا الأحزان، ونشد على أيديكم معلنين رفضنا الصريح لكل من يريد بوطننا سوءا أو شرا، ونطالب في الوقت نفسه بأن يتم العمل على تأمين الحماية المادية والنفسية والفكرية للمجتمع من أي اختراق أو تجاوز، وذلك بسن قوانين وأنظمة ولوائح واضحة لتجريم الإثارات المذهبية والحض على الكراهية والتكفير، وتنقيح مناهج التعليم بما يعزز الوحدة الوطنية الصادقة والكاملة. قضيتنا هي قضية وطن وليست منطقة أو مذهب، وهؤلاء الذين يريدون تحويرها لتكون قضية مذهبية في مقابل الآخرين لا يزالون يعيشون في مستنقع الطائفية، ويرمون بمشكلاتنا على جهات خارجية مختلفة لتبرير سلوكهم المنحرف. إننا نؤكد على أن قضيتنا محلية وداخلية، وعلاجها بأيدينا جميعا، وقد قدم جميع مواطنينا خلال الأيام القليلة المنصرمة نماذج واعية وأمثلة رائعة في صور التلاحم والوحدة في سابقة لم يشهدها الوطن خلال عقود. نترحم على الشهداء الذين سالت دماؤهم في هذا الموسم الديني ظلما وعدوانا، وعلى شهداء الواجب، ونسأل الله للجرحى والمصابين العافية والصحة، ولوطننا الأمن والسلام، وعسى أن تتحول هذه الحادثة الأليمة لمدخل لمعالجة عديد من القضايا العالقة وتعزيز وحدتنا الوطنية.