×
محافظة المدينة المنورة

افتتاح معرض الدقل «فلورينا» السابع بالمدينة المنورة

صورة الخبر

بكل أسف وحزن.. لا شيء يبهج، ولا شيء يسر في مجريات (يمن) اليوم.. يمن اللحظة والساعة التي نحن فيها.. بعد اضطرار الرئيس الشرعي للبلاد (عبد ربه منصور هادي) التوقيع -في سبتمبر الماضي- على ما سمي بـ(اتفاق السلم والشراكة الوطنية) مع الحوثيين أنفسهم، الذين أجرموا في حق (اليمن) تخريباً وتدميراً وقطعوا عليه مسيرة مبادرته، واستغلوا أزمة رفع الدعم عن المحروقات.. ليتظاهروا ويعتصموا في شوارع وميادين (صنعاء) للمطالبة بعودتها، وبتغيير حكومة الوحدة الوطنية (الفاشلة) من وجهة نظرهم، وبالتطبيق الفوري لمخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل.. الذين كانوا هم أول من نكص بها خدمة لـ(أجندتهم) المذهبية، التي يمليها عليهم.. سادتهم في (طهران)، ثم بتوقيعه مساء السبت -قبل الماضي- على اتفاق جديد يتصدره (الحوثيون) أيضاً ومن التف حولهم لـ(تشكيل حكومة كفاءات وطنية)، يعطيه الحق في ترشيح وتسمية وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والمالية.. بينما ترك (الاتفاق) لرئيس الوزراء المكلف بتشكيل حكومة الكفاءات الوطنية الجديدة (خالد بحاح) ترشيح وتسمية بقية وزراءها.. وكأن الحوثيين هم (الباب العالي)، الذي انتقل بـ(قدرة قادر) أو على وجه الدقة بالسلاح والدبابات، وقتل المواطنين وترويعهم، وبتخاذل وزيري الداخلية والدفاع عن حماية (صنعاء)، وبسقوط فيلسوف السياسة اليمنية وخبيرها المخضرم (محمد باسندوة) في تقديم استقالته لـ(الحوثيين) بدلاً من تقديمها لرئيس الجمهورية كما تقضي الأعراف والقواعد الدستورية.. من (صنعاء) عاصمة اليمن التاريخية عبر العصور والدهور.. إلى مجهل (صعدة)، الذي ربما لا يعرف موقعه بعض اليمنيين أنفسهم..!!. * * * لقد تحلى الرئيس عبد ربه.. ومنذ انتخابه في الثالث والعشرين من شهر فبراير من عام 2012م.. بحكمة وشجاعة نادرين، كانتا موضع غبطة اليمنيين جميعاً.. وحسد الطامحين منهم، عندما فاجأهم نائب الرئيس السابق (!!) بكل ذلك المخزون الهائل من الصبر والشجاعة والحكمة والأناة في إدارة البلاد في أحلك ساعاتها، وتطبيق أجندة المبادرة الخليجية المزمنة بـ(توقيتاتها) المتلاحقة الصعبة.. حتى أمكن الوصول إلى مخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل عبر شهوره العشر، ولجانه التسع التي كان من بينها لجنتا (الجنوب) و(صعدة)، والتي شارك فيها خمسمائة وخمسة وستون يمنياً ويمنية من مكونات الطيف السياسي اليمني، ليتم تسليمها إلى لجنة (صياغة الدستور)، التي ستحول أفكارها وسطورها إلى مواد وبنود دستورية.. تمثل دستور اليمن الاتحادي الفيدرالي الجديد، والذي سيجري إقراره من الجمعية العامة لـ(المؤتمر) ثم بالتصويت عليه شعبياً، لتبدأ بعده الانتخابات التشريعية أو الرئاسية الجديدة. * * * لكن يبدو أن نجاح الرئيس عبد ربه خلال تلك الشهور الطويلة (ثلاثون شهراً).. قد أكسبه كثيراً من الاطمئنان، وربما بعضاً من الثقة المفرطة في شعبيته.. التي حملته -وبكل أسف- على التعجل في الاستجابة لآراء مستشاريه الاقتصاديين أو البنك الدولي بـ(رفع الدعم) الحكومي عن المحروقات والمشتقات النفطية الأخرى من الديزل والكيروسين والزيوت.. وهو ما كان ينتظره الحوثيون - أعداء الرئيس السابق علي عبدالله صالح ونائبه آنذاك عبد ربه منصور هادي.. لأكثر من عشر سنوات - ليتنادوا بـ (اللقاء) في (صنعاء)، وليخرجوا إلى شوارعها وميادينها وهم يطالبون بـ(عودة الدعم الحكومي) للمحروقات والمشتقات البترولية الأخرى رحمة بالمواطنين المعدمين والفقراء (!!) ثم ليضيفوا - وقد التفت حول مطلبهم جموع الأبرياء والصادقين من الفقراء والمعدمين - مطلباً آخر بـ (تغيير) حكومة الوحدة الوطنية الفاشلة والتي يرأسها (باسندوه).. ثم ليضيفوا إلى مطالبهم مطلباً يُرضي السياسيين والنقابيين والمثقفين عامة من أعضاء مؤتمر الحوار الوطني.. هو التطبيق الفوري لـ(مخرجات الحوار الوطني)، التي يعلمون أنها غدت بين يدي لجنة صياغة الدستور، لتمحيصها وتدقيقها تمهيداً لعرضها على جمعية الحوار فالاستفتاء عليها شعبياً لتدور بعدها عجلة الانتخابات التشريعية أو الرئاسية.. ولكنها الغوغائية (الحوثية)، ومحاولة كسب معطيات تلك الأيام الجهنمية من أيام (صنعاء) الجميلة والعزيزة لصالح أجندتهم المذهبية.. من جانب، وتخاذل المتخاذلين من وزراء حكومة (باسندوه) وربما تآمرهم.. من الجانب الآخر مكّن (الحوثيين) من تحويل تلك المظاهرات والاعتصامات إلى اقتحامات مسلحة لمقار الوزارات والاستيلاء عليها، ومحاصرة مبنى رئاسة الحكومة، والتهديد بالاستيلاء على مقر رئاسة الجمهورية نفسه.. ليحملوا الرئيس عبد ربه أو يضطروه في النهاية إلى التوقيع على وثيقة (الإذعان) لهم.. والتي سميت بـ (اتفاق) أو وثيقة (السلم والشراكة الوطنية)، والتي حاول المندوب الأممي السيد جمال بن عمر تجميلها بالقول بأنها داعمة لـ(المبادرة الخليجية) و(مخرجات الحوار الوطني الشامل) الذي أسفرت عنه.. بينما تبدو الحقيقة غير ذلك.. وربما عكس ذلك..!! حتى ليبدو وكأن المبادرة الخليجية قد انتهت.. وولى زمانها، لتحل محلها (وثيقة) أو اتفاق (السلم والشراكة الوطنية) الحوثي: لحماً ودماً..!! والذي ضمن به الحوثيون لأنفسهم موقعاً في إدارة وحكالبلاد حاضراً ومستقبلاً.. وفتحوا به على البلاد - وهم يدركون أو لا يدركون - بوابة كريهة.. كان تم إغلاقها بـ(العقل) والحكمة والتاريخ والمصير لصالح (اليمن) القوي الواحد، وأعني بها بوابة (الانفصال) وأحاديث بقية مهاويسه عنه.. التي تؤخر ولا تقدم وطناً جميلاً كبيراً قوياً قادراً يتسع لـ(كل) أبنائه..!؟ * * * على أي حال.. إذا كان التوفيق قد جانب الرئيس عبد ربه في قراره بـ (رفع) الدعم الحكومي عن أسعار البنزين والمشتقات النفطية، مما أدى إلى كل هذه التداعيات السلبية الخطرة على حاضر (اليمن) ومستقبله.. فإن السؤال الذي يطرح نفسه: أين كان أصحاب (المبادرة الخليجية) أنفسهم.. من هذا المشهد الجهنمي الطويل الذي عاشته (صنعاء) على وجه الخصوص وامتد إلى عمران والجوف ومأرب.. بل وإلى الحديدة على شاطئ البحر الأحمر طوال شهور الصيف الماضي إلى أوائل الخريف؟ وأين أمين عام مجلس التعاون الدكتور عبداللطيف الزياني.. الذي كان غيابه واضحاً عن المشهد في عمومه أمام حضور المندوب الأممي السفير (جمال بن عمر) الطاغي والمهم، والذي ربما لولاه لانفرطت سبحة المبادرة الخليجية المدعومة دولياً بكاملها.. وعاد اليمن إلى مربع الثلاثين من نوفمبر من عام 2011م؟ ثم أين هو دعم مجلس التعاون المفترض.. في تلك اللحظات الفارقة في حياة اليمن..؟ فـ (التصريحات) الدبلوماسية الهادئة التي خرجت عن آخر اجتماع لوزراء خارجية (المجلس).. لم تحرك ساكناً ولم توقف انهياراً، يسعى إليه الحوثيون بكل مددهم الخارجي، لأن المطلوب يمنيّاً في هذه المرحلة الأخيرة من عمر المبادرة.. وحياتها وحياة اليمن الجديد نفسه.. هو (الأفعال) وليس (الأقوال).. هو الدعم الحيوي الاقتصادي، الذي لا يمكِّن فقط من عودة الدعم الحكومي للمشتقات النفطية.. ولكنه سيضع حداً لكل التجاوزات التي أقدم عليها الحوثيون من قبل، والتي قد يكررونها من بعد، هم ومن تراوده نفسه في السير على منوالهم!!. فـ(السياسة) لم تعد تدير (الاقتصاد).. ولكن (الاقتصاد) هو اللاعب الأساسي في إدارة (السياسة) والحياة بأسرها! لتظل فرصة الشهر التي تم تحديدها لتشكيل حكومة الكفاءات الوطنية غير الحزبية.. تفتح الباب واسعاً أمام (إنقاذ) المبادرة الخليجية.. وتدارك ما تم نسيانه في غيوم الأزمات والأحداث العربية المتلاحقة التي شهدها صيف هذا العام، لتقطع المبادرة آخر مسافاتها بالاستفتاء على الدستور اليمني الجديد، وإجراء الانتخابات التشريعية فالرئاسية.. ليكون قيام الجمهورية الفيدرالية اليمنية الجديدة.. ليس مكسباً لليمنيين وحدهم.. بل ولـ (الخليجيين) وأمنهم واستقرارهم. ** ** ** جدة 13-1-1436م 6-11-2014هـ