التخبط والتردد الذي طبع مواقف الإدارة الأمريكية في عهد أوباما شجع المتطرفين في إسرائيل على القيام بأعمال يهدفون من ورائه تثبيت باطلهم بالاستيلاء على كامل الأراضي الفلسطينية مركزين على التهام الأحياء والمناطق والبيوت في مدينة القدس وإحاطة المدينة المقدسة بالمستوطات التي زادت وتيرة إنشائها في مدن الضفة الغربية في عهد حكومة نتنياهو مستفيدة من ضعف وعدم وجود رد فعل قوي في الإدارة الأمريكية والغرب عموماً، الذين اكتفوا بإطلاق التحذيرات دون اتخاذ أيّ إجراء عقابي لمواجهة التجاوزات الإسرائيلية التي تنتهك القوانين الدولية التي تحرم التصرف بالأراضي المحتلة. آخر التجاوزات الإسرائيلية والتي تهدد بإشعال حروب دينية كبرى بين المسلمين عامة واليهود -الإسرائيليين كافة وغيرهم-، ما تقوم به السلطات الإسرائيلية من إنتهاكات وخروقات ضد مقدسات المسلمين في المسجد الأقصى، فبالإضافة إلى منع المصلين من تأدية الصلاة في المسجد، وتحديد عمر من يسمح لهم بالصلاة وخاصة في صلاة الجمعة، إتاحة الفرصة للمتطرفين والإرهابيين الصهاينة وبحراسة قوات الأمن الدخول إلى ساحة المسجد الأقصى والسماح لهم بتأدية طقوسهم في انتهاك سافر لحرمة الأماكن المقدسة، تمهيداً لفرض واقع مخل يسمح للصهاينة بمشاركة المسلمين أماكنهم المقدسة، حيث يشيع المتطرفون بأنهم سيتقدمون للكنيست الإسرائيلي بطلب اقتسام المسجد الأقصى مع المسلمين وتقسيمه مع الإسرائيليين كبداية لبناء هيكلهم المزعوم.. هذه التجاوزات والأقوال وإغلاق المسجد الأقصى أمام المصلين حتى وليوم واحد أثارت قلق وخوف المسلمين كافة من ارتكاب حكومة نتنياهو حماقة تشعل حرباً دينية بين المسلمين كافة واليهود. وإذا كان الإسرائيليون قد فرضوا تقسيم الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل قبل أعوام، فإن الأمر مختلف كلياً في القدس ولن يسمح المسلمين بتكراره في المسجد الأقصى. وقد بادرت المملكة الأردنية الهاشمية بسحب سفيرها من تل أبيب للتشاور، كونها الدولة الإسلامية القيمة على المقدسات الإسلامية في فلسطين والمسؤولة عن رعاية المسجد الأقصى.. الخطوة الأردنية مؤشر لما يمكن أن تقوم به الدول الإسلامية التي لن تقف مكتوفة الأيدي اتجاه التجاوزات والجرائم الإسرائيلية الخطيرة، كما أن الفلسطينيين المعنيين بالأمر أكثر من غيرهم لن يصبروا طويلاً على انفعال الإسرائيليين، حيث بدأت الإشارات تصدر من داخل القدس ومدن الضفة الغربية المحتلة تنذر بقرب اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، إذ يشكل القدس (خطاً أحمر حقيقياً).. وإذا كان نتنياهو وحتى الإدارة الأمريكية يتصوران أن العرب والمسلمين منشغلون بحرب مواجهة داعش الصنيعة التي أوجدوها لإشغال المسلمين، فهما واهمان تماماً، لأن المسلمين والعرب والفلسطينيين في مقدمتهم يعدون -وهي كذلك- قضية القدس قضيتهم المقدسة الأولى ولا يتوانون من إشعال حرب مقدسة للدفاع عنها وحمايتها من تغول الإسرائيليين.